< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المرحلة الثالثة توثيق الرواة وتضعيفهم ومذهبهم

 

المرحلة الثالثة توثيق الرواة وتضعيفهم ومذهبهم[1]

هذه المرحلة الثالثة وهي تشخيص الجرح والتعديل بحق رواة السند وبيان مذهبهم هي أهم مرحلة من المراحل الخمس بل إن المراحل الخمس مقدمة لهذه المرحلة بل إن هذه المرحلة مطلوبة في جميع الأسانيد بخلاف المراحل الأربع الأخرى المرحلة الأولى والثانية والمرحلة الثالثة والرابعة فليس بالضرورة توجد جميع المراحل الخمس في جميع الأسانيد فقد يأتي سند من الأسانيد ولا نحتاج فيه إلا إلى خصوص المرحلة الثالثة ولا نحتاج إلى المرحلة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة.

مثلا لو جاءنا سند جميع مفرداته واضحة محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عن كل المفردات واضحة هنا المرحلة الأولى فهم مفاد السند مفاد السند واضح ليس فيه إضمار وإشارة وإبهام واضح جدا.

المرحلة الثانية معرفة التحريفات في السند لا يوجد فيها أي تحريف، لا يوجد تصحيف ولا زيادة اسم ولا نقص اسم.

المرحلة الرابعة تمييز المشتركات لا يوجد عنوان مشترك حتى نميز كل الأسماء واضحة وصريحة.

المرحلة الخامسة توحيد المختلفات، لا توجد عناوين مختلفة إذن هذا السند الواضح يحتاج إلى المرحلة الثالثة فقط وهي توثيق الرواة وتضعيفهم ومذهبهم لأن الوثاقة شرط باتفاق الجميع سنة وشيعة فلكي يؤخذ بالسند لابد من إحراز وثاقة الرواة الواردين في سلسلة السند كما أن الضبط شرط في الوثاقة فيشترط في الراوي أن يكون ضابطا والمراد من الضابط هو سلامة الراوي من السهو والغفلة والاشتباه بحيث لا يغلب عليه الغفلة والخطأ لأنه إذا غلب على السامع والراوي الغفلة والاشتباه والخطأ لا يحصل وثوق واطمئنان بما يقوله وقد اشترطنا الوثاقة في الراوي لتحصيل الوثوق والاطمئنان بما يقولوه فالوثوق بمعنى الاعتماد ومن كثر سهوه بحيث خرج ضبطه عن المتعارف لا يحصل الوثوق بما يقوله.

إذن هناك شرط بل شرطان بالاتفاق:

الشرط الأول وثاقة الراوي

الشرط الثاني ضبط الراوي

قلنا شرط بل شرطان اضربنا بلفظ بل لأن البعض لم يذكر ضبط الراوي لأن الضبط مأخوذ بعنوان الوثاقة وبعضهم يرى الضبط قد أخذ في عنوان العدالة ـ عدالة الراوي ـ ومن هنا ننطلق إلى الشرط الثالث حيث اشترط بعضهم كون الراوي إماميا فقال بحجية خبر العدل الإمامي ونسب هذا القول إلى الشهيد الثاني وابنه الشيخ حسن صاحب المعالم وسبطه السيد محمد صاحب مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام فهؤلاء الأعلام الثلاثة سبط الشهيد الثاني يعني أبن بنته السيد محمد صاحب المدارك وخاله الشيخ حسن صاحب المعالم وجده الشهيد الثاني زين الدين الجبع العاملي نسب إليهم القول بحجية خبر العدل الإمامي لذلك تجد الشهيد الثاني في شرحه الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية يضعف بعض الروايات لأن الراوي ليس إماميا فإذا لم يكن الراوي أثنى عشريا قال بضعفه لذلك ذهب الشهيد الثاني إلى عدم حجية الخبر الموثق وحجية الخبر الحسن لأن الخبر الحسن فيه راوي إمام إلا أنه ممدوح ولم يثبت توثيقه فهذا المدح في قوة التوثيق فتثبت الحجية للخبر الحسن ولا تثبت الحجية للخبر الموثق بناء على مبنى الشهيد الثاني لأنه يشترط العدالة أن يكون الراوي إماميا أثنى عشريا.

سؤال لماذا قيل إن العدالة يعني شيعي أثنى عشري؟ هل العدالة بمعنى أن تكون شيعي أثنى عشري؟

الجواب العدالة عرفت في الفقه بأنها الاستقامة في جادة الشريعة الصحيحة فإذا لم تكن الشريعة صحيحة لا تحصل الاستقامة على وفق الشريعة الصحيحة ومن هنا قيل لغير الإمامي ليس بعادل لأنه وإن كان مستقيما إلا أنه لم يستقم في جادة وطريق الشريعة الصحيحة.

إلى هنا أخذنا ثلاثة شروط، الشرط الأول الوثاقة، الشرط الثاني ضبط الراوي، الشرط الثالث إمامية الراوي هذا العلم الذي يعطينا هذه الأمور الثلاثة وثاقة الراوي وضبطه ومذهبه يعني من أين نحصل هذه الصغريات؟ الجواب من كتب أئمة الرجال التي ذكر فيها عنوان معرفة الرواة فكتاب الكشي ما اسمه؟ اسمه معرفة الرجال الناقلين عن الأئمة الصادقين فجاء الشيخ الطوسي وهذبه ويقال نزع منه الروايات العامية وأبقى الروايات الشيعية فاختار مختارات بنص لفظ الكشي ولم يغير في ألفاظ الكشي واسماه اختيار معرفة الرجال الناقلين عن الأئمة الصادقين ودونك العلامة الحلي المتوفى سنة سبعمائة وستة وعشرين هجرية قمرية عنده كتاب رجالي كبير فقد ولم يصل إلينا ووصل إلينا كتابه المختصر تحت عنوان خلاصة الأقوال في معرفة الرجال بل إن علم الرجال كان يسمى سابقا بعلم الجرح والتعديل وعنوان الجرح يشير إلى التضعيف وعنوان التعديل يشير إلى التضعيف.

سؤال كيف يحصل التوثيق والتعديل؟ الجواب أحد أمور ثلاثة:

الأمر الأول التعديل الخاص والتوثيق الخاص فترجع إلى كتاب الفهرست والرجال للشيخ الطوسي أو كتاب الفهرست للنجاشي يقول فلان ثقة فلان ضعيف فلان كذاب فلان أكذب أهل البرية فلان وضاع فلان ملعون فلان غال فلان فطحي فلان إمامي فلان زيدي فلان... هذا يقال له التوثيق الخاص يعني نص أحد أئمة الرجال أو نص أحد الأئمة عليهم السلام كما في رجال الكشي متون روايات لعن الله المغيرة هذا تضعيف خاص من الإمام عليه السلام في حق المغيرة بن سعيد.

الطريقة الثانية التمسك بظاهر كلمات أئمة الرجال فأحيانا يقول الرجالي إبراهيم بن هاشم شيخ القميين ووجههم وأول من نشر حديث الكوفيين بقم لكن لا يقول ثقة لا يصرح فهنا ظاهر كلامه أنه في غاية الجلالة والوثاقة وقليل في حقه أن يصرح بأنه ثقة، إذن التوثيق والتضعيف إما أن يعرف من التصريح وإما أن يعرف من التلويح، التصريح الوسيلة الأولى النص الصريح من أئمة الرجال، التلويح التمسك بظاهر كلام أئمة الرجال.

الوسيلة الثالثة التمسك بفعل الرجالي كما لو أكثر الجليل عن راو على وجه الاعتماد كما أكثر الكليني عن محمد بن إسماعيل فروى عنه ألف رواية فقهية واعتمد عليه في إثبات الأحكام الشرعية فإن هذا الفعل من الكليني وهو إكثاره من الرواية والاكثار من الرواية فعل فهنا عندنا ثلاثة عناوين لا نخلط بينها العنوان الأول مجرد رواية الثقة عن رجل أمارة الوثاقة وهذا مبنى المحدث النوري بمجرد يروي الثقة عن شخص فهو ثقة وهذا غير مقبول هذا المبنى.

العنوان الثاني رواية الأجلاء عن رجل أمارة الوثاقة فإذا روى الأجلاء كصفوان بن يحيى بياع السابوري وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ومحمد بن أبي عمير وزرارة ومحمد بن مسلم رووا عن راو فرواية الأجلاء أمارة الوثاقة وهذا لا نبني عليه ولا يراه السيد الخوئي ولا شيخنا الأستاذ الداوري فلربما الأجلاء يرون عن رجل لوجود طرق أخرى إلى الرواية لا تمر بهذا الرجل أو أن هذه الرواية وجدت في أصل عرض على الإمام عليه السلام وأمضاه أو أن هذه الرواية تكررت في الأصول الأربعمائة فمجرد رواية الأجلاء عن رجل لا تفيد توثيق الرجل.

العنوان الثالث إكثار الجليل عن رجل أو إكثار الأجلاء عن رجل أمارة الوثاقة مع أن شيخنا الأستاذ الداوري لا يقبل ذلك ولكننا نبني على أن إكثار الجليل أمارة الوثاقة.

الخلاصة

توجد عناوين ثلاثة في التوثيق الخاص:

العنوان الأول التصريح

العنوان الثاني التلويح والتمسك بظاهر كلامه

العنوان الثالث التمسك بظاهر فعله

وكلها توثيقات خاصة لأنها في رجل بخصوصه في مقابل التوثيقات العامة وهي عبارة عن توثيق الراوي بصفته وبوصفه العام فهناك ضوابط كلية إذا اندرج الراوي تحتها أمكن توثيقه كعنوان كل من ورد في أسانيد كامل الزيارات فهو ثقة أو جميع مشايخ أبن قولويه في كامل الزيارات ثقات وعددهم 388 راوي هذان مبنيان إما جميع مشايخ أبن قولويه المباشرين وغير المباشرين يعني جميع الرواة الواردين في كامل الزيارات وإما خصوص مشايخ جعفر بن محمد بن قولويه المباشرية وأبن قولويه أستاذ الشيخ المفيد والشيخ المفيد دفن عند رجلي ابن قولويه.

المبنى الثاني مبنى وثاقة جميع الرواة الواردين في تفسير علي بن إبراهيم القمي وهكذا مباني كثيرة آل شعبة ثقاة أو آل أعين الذين وردوا في رسالة أبي غالب الزراري ثقاة هذه ضابطة عامة ومن هنا نفرق بين أمرين في الرجال قد لا يلتفت إليهما طالب علم الرجال وهما كليات علم الرجال ومسائل علم الرجال فالسيد الخوئي "رحمه الله" قد بحث كليات في علم الرجال في مقدمة معجم رجال الحديث الجزء الأول قرابة مائة صفحة وبحث مسائل علم الرجال من المجلد الأول باب الهمزة إلى المجلد 24 باب الياء والكنى والألقاب فهذه مسائل علم الرجال تبحث زرارة ما هي الروايات الموثقة ما هي الروايات المضعف هذه مسائل علم الرجال، العلم عبارة عن أمور كلية لا أمور جزئية المسائل أمور جزئية لذلك عنون المرجع الكبير الشيخ جعفر السبحاني حفظه الله كتابه بعنوان كليات في علم الرجال والذي يدرس علم الرجال يدرس هذه المباحث الكلية.

إلى هنا في النقطة الثالثة درسنا الجرح والتعديل وقلنا هناك ثلاثة أمور مشترطة في الراوي وهي الوثاقة والضبط والعدالة وقلنا إن تحصيل هذه الأمور الثلاثة يتم بوسائل ثلاث وهي التصريح أو التمسك بالظاهر أو التمسك بظاهر الفعل وهذه العناوين الثلاثة إنما هي للتوثيق الخاص توثق راوي بخصوصه ولكن أحيانا يكون التوثيق توثيقا عاما إذا تمت هذه الأمور نشرع في المصاديق وقراءة الأسانيد والراوي إما أن يتشخص أو لا يتشخص إذا تشخص من الذكر فهذا جيد إن لم يتشخص نرجع إلى الطبقة وتعرف الطبقة من خلال مقارنة الأسانيد المشابهة لبعضها البعض.

 

تطبيق البعارة

المرحلة الثالثة توثيق الرواة وتضعيفهم ومذهبهم

اشترط العلماء في اعتبار الخبر من جهة السند لأن الخبر قد يعتبر من جهة السند وقد يعتبر من جهة المتن فلو كان المتن ظاهر في أنه صادر على نحو التقية لم يكن معتبرا لذلك الرواية لابد أن نحرز فيها ثلاثة أمور وهي أصالة صحة السند التوثيق هذا ناظر إلى السند.

الأمر الثاني أصالة الظهور أن تكون الرواية ظاهرة وأن يكون المتن ظاهرا في المعنى المراد والمفاد يعني لابد أن تكون الرواية تامة سندا ودلالة.

سؤال هل يكفي تمامية صحة السند والدلالة فقط؟

الجواب كلا لابد من إحراز أصالة الجهة أن الرواية لم تصدر على جهة التقية وإنما صدرت جدا عن الإمام عليه السلام إذا لابد من إحراز ثلاثة أمور تمامية السند وتمامية الدلالة وتمامية الجهة مثلا عندنا رواية يرويها صاحب الحدائق في كتاب الصلاة إن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لسلمان وعمار كانوا مجموعة أنا سأنام وإذا طلع الفجر ايقظوني فنام النبي "صلى الله عليه وآله" حتى طلعت الشمس وصلخته وصلخت الأصحاب فاستيقظوا فعاتبهم النبي لم لم تيقظوني قالوا نحن نيام، هذه الرواية تامة سندا صحيحة سندا وتامة دلالة دلالتها واضحة لكن ليست بتامة جهة لأن العامة يقولون بسهو النبي وغفلته والشيعة الإمامية لا يقولون بذلك فهذه الرواية صدرت من الإمام تقية فكانت موافقة للعامة.

المرحلة الثالثة توثيق الرواة وتضعيفهم ومذهبهم

اشترط العلماء في اعتبار الخبر من جهة السند أوصافا في رواته يذكر الأوصاف، أول وصف والوثاقة شرط بالاتفاق هذا الأول ويعتبر في الوثاقة صدق الراوي وضبطه هذا الشرط الثاني الضبط والضبط هو أن لا يكون سهو الراوي تعلموا في التعريف إذا شيء ايجابي تعرفه بايجابي إذا شيء سلبي تعرفه بسلبي الضبط أمر ثبوتي أو عدمي؟ أمر ثبوتي الضبط أمر أيجابي أو سلبي؟ ايجابي، لاحظ التعريف أن لا يكون سهو الراوي هذا أمر عدمي حول هذا الأمر العدمي إلى أمر وجودي قل سلامة الراوي عن الغفلة والسهو، السلامة أمر وجودي هذا جيد في التعريفات لابد أن تكون دقيق إذا أمر وجودي تعرفه بامر وجودي لأن الأمر العدمي يصير لازم يصير تعريف باللازم لا الملزوم قال والضبط هو أن لا يكون سهو الراوي أكثر من المتعارف ووجه اعتباره ـ اعتبار الضبط ـ في الوثاقة ظاهر واضح إذ الوثاقة بمعنى الوثوق والاعتماد ولا وثوق على من كثر سهوه بحيث خرج عن المتعارف.

الضبط سلامة الراوي عن الخطأ والاشتباه بحيث يخرجه سهوه عن المتعارف ثم تأتي بالأمر اللازم تقول فلا يحصل وثوق من اخباره ولا يتحقق الاعتماد.

واشترط جماعة في اعتبار الخبر صحة المذهب، من هم الجماعة؟ الشهيد الثاني وولده وسبطه، فأوجبوا أن يكون الراوي إماميا أن يعتقدوا بإمامة الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين من غير زيادة ولا نقيصة في الرواية من زاد أو أنقص واحدا منهم فقد خرج عن المذهب، إنقاص واحد منهم عدم الاعتراف بواحد منهم كعدم الاعتراف بهم جميعا.

وقد حكم جماعة أخرى بتقديم خبر الإمامي على خبر غيره ـ غير الإمامي ـ عند التعارض، من هو؟ الشهيد الثاني، إذا تعارضت الحسنة مع الموثقة قدمت الحسنة وإذا تعارضت الصحيحة مع الموثقة قدمت الصحيحة فالخبر المعتبر هو الأعم من الصحيح والحسن عند الشهيد الثاني.

وقد حكم جماعة أخرى بتقديم خبر الإمامي على خبر غيره عند التعارض، ما هو موضوع الحجية؟ عند المتقدمين الخبر الصحيح هذا موضوع الحجية وموضوع عدم الحجية الخبر الضعيف فيقسم الخبر إلى قسمين خبر صحيح وخبر ضعيف يعني خبر معتبر وخبر غير معتبر هذا الرأي الأول للمتقدمين الآن نأتي إلى المتأخرين ثلاثة أقوال:

القول الأول قول الشهيد الثاني موضوع الحجية الأعم من الخبر الصحيح والخبر الحسن نظرا لوجود الإمامي وموضوع عدم الحجية الأعم من الخبر الموثق والخبر الضعيف أما الموثق فبعدم وجود قيد الإمامية وأما الضعيف فلعدم وجود الوثاقة.

القول الثالث قول مشهور المتأخرين أو قل قول العلامة الحلي في الخلاصة يقول موضوع الحجية هو الأعم من الخبر الصحيح والموثق لأنه يشترط الوثاقة وما يشترط العدالة وموضوع عدم الحجية الأعم من الخبر الحسن والخبر الضعيف لأن الخبر الحسن وإن كان الراوي إماميا إلا أنه لم ينص على توثيقه فليس بحجة، هذا القول الثاني إذن أخذنا ثلاثة أقوال القول الأول للمتقديم معتبر وغير معتبر، القول الثاني للشهيد الثاني الحجة هو الصحيح والحسن وغير الحجة هو الضعيف والموثق، القول الثالث العلامة الحلي الحجة هو الأعم من الصحيح والموثق وغير الحجة هو الأعم من الضعيف والحسن، القول الرابع قول الميرزا النائيني والسيد الخوئي رحمة الله عليهم أجمعين الحجة هو الأعم من الصحيح والموثق والحسن وغير الحجة هو خصوص الخبر الضعيف وهنا يأتي إشكال إذا كان الحجة هو الأعم من الصحيح والموثق بالدرجة الأولى الصحيح، الدرجة الثانية الموثق الدرجة الثالثة الحسن هذا رأي المشهور في مقابل الضعيف فما الفائدة في هذه التقسيمات الثلاثة؟

والجواب الفائدة عند التعارض فإذا تعارض خبر العدل مع الخبر الموثق قدم خبر العدل لوجود الإمامية وإذا تعارض الخبر الصحيح مع خبر الحسن قدم الصحيح لوجود النص على التوثيق فتكون الثمرة في هذه المصطلحات الثلاثة عند التعارض.

والحاصل أن اعتبار الخبر موقوف على ملاحظة حال رواته والبحث عن وثاقة الرواة وضعفهم هذا أولا ومذهبهم ثانيا أهم مباحث علم الرجال حتى كان هذا العلم موصوفا في القرون الأولى بعلم الجرح والتعديل يعني مباحث علم الرجال ثلاثة مباحث رئيسية الأول الجرح والتعديل وهو الأهم والثاني معرفة طبقات الرجال والثالث تمييز المشتركات.

وقد ورد وصف في معرفة الرجال في عنوان بعض كتب الرجال كرجال الكشي[2] معرفة الرجال الناقلين وكتاب خلاصة العلامة الحلي[3] خلاصة الأقوال في معرفة الرجال والمراد من معرفة الرجال ما يرجع إلى أحوال الراوي من مدح أو ذم. الآن يبين طرق معرفة التوثيق الخاص،

ولمعرفة حالات الرواة طرق مختلفة فإن توثيق الرواة مثلا الوسيلة الأولى قد يستفاد من تصريح أئمة الرجال بأن قالوا في ترجمة الراوي ثقة أو عدل أو صدوق أو غير ذلك من الألفاظ الصريحة إذن الطريقة الأولى النص الصريح.

الطريقة الثانية اللفظ الظاهر وقد يستفاد من ظاهر عبائر كأن وصفوه ـ الراوي ـ بأنه شيخ الطائفة ومعلوم أنه لا يكون الرجل شيخ الطائفة ورئيسها ومرجعها ومعتمدها إلا إذا كان في أعلى درجات الوثاقة.

الوسيلة الثالثة وقد يستفاد التوثيق من الشهادة الفعلية كما لو أكثروا من الرواية عنه في الأحكام الشرعية ليس مجرد الإكثار إكثار الجليل وليس إكثار الثقة إكثار الثقة الجليل القدر فإن إكثار رواية الأجلاء عن أحد من أقوى القرائن على وثاقته وهي تعد شهادة فعلية منهم على صدقه ـ صدق الراوي ـ والاعتماد على الراوي ولذلك شروط يأتي تفصيلها والبرهنة عليها في محله إن شاء الله تعالى.

إلى هنا تكلم عن ثلاث وسائل للتوثيق الخاص يعني توثيق شخص بخصوصه يعني التنصيص على أسمه الآن التوثيق العام، التوثيق العام يعني توثيق شخص لاندراجه تحت ضابطة كلية.

ومن ناحية أخرى التوثيق مثلا قد يكون خاصا بأن يوصف راو واحد بالوثاقة بالخصوص كما في أكثر التوثيقات المذكورة في كتب الرجال وقد يكون عاما هذه كتب الرجال يعني مسائل الرجال الآن يتكلم إلى علم الرجال الكلياتش، وقد يكون عاما بأن يوصف جماعة من الرواة بالوثاقة بعبارة واحدة عامة كما وصف آل أبي شعبة بأنهم ثقاة[4] يعني كل آل أبي شعبة ثقاة هذه ضابطة عامة تندرج على كل فرد منهم وكما إذا قلنا تعبيره يشعر أنه لا يقبل مبنى كامل الزيارات كما لا نبني عليه وكما إذا قلنا بوثاقة جميع من وقع في أسناد كامل الزيارات وذلك بتخيل من تعبيره بتخيل يعني تتوهم شهادة مؤلفه الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولويه المتوفى سنة 369 في مقدمة كتابه كامل الزيارات على ذلك يعني على وثاقة جميع الرجال الواردين في كامل الزيارات ومنهم شبيث بن ربعي مشكل بعض الروايات كيف يمكن توثيقهم.

والبحث عن التوثيقات العامة يعني ضابطة عامة وكلية تنطبق على الرواة من المباحث المهمة وليست الهامة قال عليه السلام حينما سأله أخوه محمد بن الحنفية لمَ لا تخرج إلى اليمن؟ إن بها شيعة أبيك قال أخي لو كنت في جحر هامة لاستخرجوني وقتلوني هامة هنا الصحيح مهمة.

من المباحث المهمة في علم الرجال وقد أخذ قسطا وافرا فيما كتب حول القواعد الرجالية لأن القواعد الرجالية قواعد عامة كلية ثم إن اعتبار الخبر يتوقف على اجتماع شرائط صحة الخبر في جميع الرواة فلو كان واحد من رجال السند غير واجد للشرائط سقط الخبر عن الاعتبار.

خلاصة هذه النكتة النتيجة تتبع اخس المقدمات، لو جاءتنا رواية فيها رواة عدول إمامية وفيها رواة موثقون لكن غير إمامية زيدية أو فطحية وفيها رواة إمامية ممدوحون لكنهم لم يوثقوا تكون هذه الرواية صحيحة أو موثقة أو حسنة أو ضعيفة؟ على مبنى الشهيد الثاني تصير اخس المقدمات ايهما أضعف عند الشهيد الثاني الموثقة أو الحسنة؟ الموثقة فتصير الرواية موثقة على مبنى المشهور أيهما أضعف الموثقة أو الحسنة؟ الحسنة تصير الرواية حسنة لكن لو كان فيها إرسال أو راو ضعيف تصير الرواية ضعيفة فالنتيجة تتبع أخس المقدمات.

ففي هذا السند علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد هذا اليقطيني عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان قال سأل رجل أبا عبد الله وأنا جالس... هذا السند جميع رواة السند ثقاة بالاتفاق إلا محمد بن عيسى بن عبيد هذا اليقطيني فإن فيه خلافا لأنه ورد في دبة شبيب كتاب نوادر الحكمة وجاء محمد بن الحسن بن الوليد أستاذ الصدوق واستثنى روايات منها قال إلا ما رواه عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ثم جاء الصدوق وامضى استثناء أستاذه محمد بن الحسن بن الوليد ثم جاء السيرافي ابن نوح قال ولقد اصاب شيخنا أبو جعفر يعني في جميع الرواة الذين استثناهم إلا في محمد بن عيسى بن عبيد فلا ادري ما رابه فيه هذا على نسخة من رجال النجاشي وعلى نسخة أخرى فلا أدري ما رأيه فيه فإنه كان على ظاهر العدالة والوثاقة.

إذا تراجع نسخة تحقيق النائيني النجاشي فلا أدري ما رأيه فيه إذا تراجع نسخة جماعة المدرسين التي حققها المرجع الكبير السيد موسى الشبيري الزنجاني على ستة عشر نسخة من نسخ النجاشي يقول فلا أدري ما رابه فيه فإنه كان على ظاهر العدالة والوثاقة ولعل هذه النسخة أوفق فلا أدري ما رابه فيه لأنه كان اوفق بالتعليل، لماذا ارتاب فيه؟ ونحن نبني على وثاقة محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني لأن محمد بن الحسن بن الوليد دقيق جدا الشيخ الصدوق يقلده في الرجال ما يختلف معه في شيء.

قال إلا ما رواه عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع في الاستثناء لوجود الانقطاع في السند وليس لشخص محمد بن عيسى بن عبيد وتفصيل ذلك في مباحث علم الرجال.

جميع رواة السند ثقاة بل الاتفاق إلا محمد بن عيسى بن عبيد فإن فيه اختلافا فلو قلنا بوثاقته كما هو الصحيح يعني الصحيح أن الاستثناء لانقطاع السند لا لشخص محمد بن عيسى بن عبيد هذه برقية من السيد الشبيري الزنجاني حفظه الله صار الخبر معتبرا وإلا سقط الخبر عن الاعتبار وإلا يعني إن لم نقل بوثاقة محمد بن عيسى بن عبيد سقط الخبر عن الاعتبار لتضعيف محمد بن عيسى بن عبيد والخبر يتبع أضعف مقدماته فإذا فيه راو ضعيف يصير السند ضعيف.

هذا لو كان في كل طبقة رجل واحد وأما لو كان في طبقة أكثر من واحد يكفي في اعتبار الخبر وثاقة واحد من رواة هذه الطبقة. يعني تارة يكون الراوي في طول الراوي فهنا أي راوي يضعف يضعّف السند وتارة يكون الراوي في عرض الراوي يعني في طبقة واحدة يوجد اثنان أو ثلاثة أو أربعة يكفي واحد منهم يكون ثقة.

المثال الأول محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد وابن أبي عمير جميعا ـ علي بن حديد وأبن أبي عمير ـ هنا تكفي وثاقة أبن أبي عمير علي بن حديد ضعيف ونحن نبني على تضعيفه خلافنا لشيخنا الاستاذ الداوري حفظه الله حتى لو بنينا على ضعف علي بن حديد الرواية صحيحة السند لوجود ابن أبي عمير في طبقة وفي عرض علي بن حديد.

جميعا عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أحدهما...[5] هنا لو غيرهما ضعيف لا تقل هذه الرواية مرسلة يكفي وجود واحد منهما وهما محمد بن مسلم الطائفي أو زرارة بن أعين.

يقول عن أحدهما يعني الإمام الباقر أو الصادق لأن زرارة ومحمد بن مسلم أدركوا الباقرين الصادقين، لاعتبار هذا السند يجب إثبات وثاقة محمد بن يحيى وأحمد بن محمد وجميل بن دراج إذ ليس في طبقتهم غير رجل واحد أما بالنسبة إلى علي بن حديد وأبن أبي عمير فيكفي وثاقة أحدهما كابن أبي عمير ولا نحتاج إلى إثبات وثاقة كليهما فلو قلنا بضعف علي بن حديد لما ضر بصحة الخبر.

وهكذا الكلام في آخر السند فلا يضر عدم معرفة غيرهما بعد كون محمد بن مسلم وزرارة بن أعين من أجلاء الثقاة.

المثال الثاني عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام...

يكفي في صحة الخبر وجود رجل ثقة في عدة من أصحابنا وكل عدد الكليني فيها ثقة الكليني عنده عشرين عدة تارة تأتي في بداية السند وتارة وسط السند وتارة آخر السند أشهر العدد العدد التي في بداية السند وأشهر العدد التي في بداية السند ثلاث عدد العدة الأولى عن أحمد بن محمد بن عيسى الطارد والعدة الثانية والثالثة عن المطرودين العدة الثانية عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي صاحب المحاسن الذي طرده أحمد بن محمد بن عيسى والعدة الثالثة عدة الكليني عن سهل بن زياد الآدمي هذه العدد الثلاث كل عدة يعني جماعة على الأقل فيهم ثقة وتحقيق أسمائهم هذا يحتاج إلى بحث طويل تراجعون خلاصة الأقوال للعلامة الحلي وتوجد دراسات الآن الكليني وعدده الثلاث إلى آخره مبحوث هذا والسيد مهدي بحر العلوم صرح وذكر أسماء من ورد في العدة الكليني صرح عن عدته عن أحدهما عن احمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ذكر بعض الأسماء المهم واحد منهم ثقة هذا يكفي.

وهكذا الأمر لو كان للرواية سندان سواء كان السندان مستقلين أو كانا مندرجين تحت سند واحد يعني تحويل السند كما في الأسناد المحولة ويأتي هذا الكلام فيما لو كان للرواية أكثر من سندين. المهم سند واحد يصح.

المثال الأول محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى هذا السند الأول، السند الثاني وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن أبن محبوب...[6] هنا سهل بن زياد ضعيف طبعا هناك من يوثقه شيخنا الأستاذ الداوري يوثقه نحن نبني على ضعفه السيد الخوئي يبني على ضعفه يكفي السند الأول محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى.

يقول السيد الشبيري وقوع الاختلاف في وثاقة سهل بن زياد وعدم ثبوتها على الفرض لو افترضنا أنه ليس بثقة وهذا هو الصحيح، لا يغير صحة السند إذ هذا السند كان في الأصل سندين:

     محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب... وهذا صحيح،

     الثاني عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب... هنا مشكلة سهل بن زياد الآدمي

والسند الأول معتبر بلا خلاف فيكفي اعتبار هذا السند في صحة الخبر وإن لم تثبت صحة السند الثاني.

المثال الثاني محمد بن جعفر الرزاز عن أيوب بن نوح هذا سند محول له أربعة أطراف يكفي وثاقة الطرف الأول والثاني وإن لم نقبل بصحة الطرف الثالث والرابع.

لاحظ الأسناد الأربعة في البداية المثال الثاني محمد بن جعفر الرزاز عن أيوب بن نوح ثقاة الثاني وأبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار هذا الثاني ثقاة، الثالث ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان هنا محمد بن إسماعيل مجهول لم يوثق نحن نبني على توثيقه لاكثار الكليني من الرواية عنه فيتم الثالث، الرابع وحميد بن زياد عن ابن سماعة كلاهما ثقة لكن غير إمامي فتصير الرواية سماعة وهو من الواقفة يصير السند الرابع موثق.

كلهم أي الأربع الأخيرين الذي هو ابن سماعة والفضل بن شاذان ومحمد بن عبد الجبار وأيوب بن نوح عن صفوان ثقة عن أبن مسكان ثقة عن أبي بصير ثقة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام...[7] إذن الرواية صحيحة على الأسانيد الثلاثة موثقة على السند الرابع، السند الثالث إننا نوثق محمد بن إسماعيل يصير ضعيف لكن لا يضر.

السند محول كما تدل عليه كلمة كلهم ومحمد بن جعفر الرزاز وأبو علي الأشعري ومحمد بن إسماعيل وحميد بن زياد من مشايخ الكليني وأيوب بن نوح ومحمد بن عبد الجبار والفضل بن شاذان وابن سماعة من رواة صفوان يعني ممن روى عن صفوان والسند كان في الأصل أربعة أسناد:

     محمد بن جعفر الرزاز عن أيوب بن نوح عن صفوان...

     أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان...

     محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان ...

     حميد بن زياد عن أبن سماعة عن صفوان ...

لا إشكال في صحة السندين الأوليين وأما السند الثالث فوثاقة محمد بن اسماعيل محل كلام لم يوثق ولم يشخص وأما السند الرابع فحميد بن زياد وابن سماعة ليسا إماميين وإن كانا ثقتين لكن لو لم نعتمد على السندين الأخيرين كفى السندان الأولان في اعتبار الخبر.

والحاصل أن كل راو لم يكن في عرضه راو آخر لزم أثبات وثاقته وأما لو كان في عرضه راو آخر أو كان للخبر سند آخر فيكفي اجتماع الشرائط في أحد الراويين أو أحد السندين.

هذا مجمل الكلام في هذه المرحلة الثالثة وهي أهم المراحل الخمس للزومها في كل سند، الجرح والتعديل لازم في كل سند ورجوع سائر المراحل إلى هذه المرحلة في النهاية إذ الغرض من فهم مفاد السند مثلا وهي المرحلة الأولى هو تعيين رواة السند في كل طبقة وهذا الأمر مقدمة لتعيين وثاقة الرواة وعدمها وهي المرحلة الثالثة وهكذا الكلام في سائر مراحل السند كما يظهر بأدنى التفات، هذا تمام الكلام في المرحلة الثالثة.

المرحلة الرابعة تمييز المشتركات يأتي عليها الكلام.

 


[1] أصول الرجال، السيد محمدجواد الشبيري، ص56.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo