< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/10/07

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: منهج البحث في أصول الرجال

 

موضوع أبحاثنا [1]

 

توضيح الدرس

انتهينا من بيان أربع نقاط:

النقطة الأولى وجه الحاجة إلى علم الرجال واتضح أن الكتاب والإجماع والعقل مصادر ثلاثة للتشريع لكنها تكون في موارد قليلة بخلاف السنة فإن أكثر موارد الاستنباط عن طريق هذا المصدر والسنة يتوقف اعتبارها على معرفة علم الرجال إذن علم الرجال مهم جدا في الاستنباط.

النقطة الثانية تعريف علم الرجال واتضح أن علم الرجال هو عبارة عن العلم الباحث عن آحاد رواة السند مما له دور في قبول الخبر أو رده ولو سنخا أو شأنا.

النقطة الثالثة موضوع علم الرجال واتضح أن موضوع علم الرجال هو عبارة عن الرجل من حيث كونه راو لا الرجل من حيث كونه شخصية الذي هو موضوع علم التراجم.

النقطة الرابعة الفارق والمائز بين علم الرجال والعلوم المشابهة له.

فالفارق بين علم الرجال وعلم الدراية أن موضوع علم الرجال جزئي وموضوع علم الدراية كلي والفارق بين علم الرجال وعلم الحديث بالمعنى الأخص أن علم الحديث يدرس حديثا معينا من ناحية سنده أو متنه بخلاف علم الرجال فهو لا يدرس حديثا معينا وإنما يدرس راو معين في أي سند كان وعلم الرجال لا يدرس متون الأحاديث وإنما يختص بدراسة الأسانيد بخلاف علم الحديث بالمعنى الأخص الذي يدرس السند والمتن لحديث معين فهو يدرس السند والمتن معا.

ومن هنا يتضح الفارق من حيث الموضوع فموضوع علم الرجال هو الرجل من حيث كونه راو وموضوع علم التراجم الرجل من حيث كونه شخصية وموضوع علم الحديث الرجل بلحاظ اندراجه مع مجموعة رواة موضوع علم الدراية الاصطلاحات الكلية التي تنطبق على مجموع حلقات السند.

الفارق بين علم الرجال و التاريخ

يبقى أن المصنف لم يذكر الفارق بين علم الرجال وبين التاريخ والفارق بينهما في الموضوع فموضوع التاريخ هو الحدث وموضوع علم الرجال هو الراوي والراوي حدث حدث في التاريخ فيوم ولد ويوم تعلم ويوم مات ويوم أنجز فهذه كلها أحداث تاريخية.

فالنسبة بين التاريخ وعلم الرجال هي نسبة العموم والخصوص المطلق والإطلاق من جهة التاريخ فإن التاريخ يدرس الأحداث بما فيها حدث ولادة الراوي والأحداث التي يمر بها الراوي إلا أن يموت وأما علم الرجال فهو يدرس خصوص حدث معين وهو حدث الراوي من جهة روايته لا من مختلف الجهات فالأعم مطلقا هو التاريخ والأخص مطلقا هو علم الرجال بخلاف النسبة بين علم الرجال وبين علم التراجم فالنسبة بينهما عموم وخصوص من وجه فهما يلتقيان في الراوي الذي له شخصية اجتماعية ويفترق علم الرجال عن علم التراجم في الراوي الذي ليست له شخصية اجتماعية ويفترق علم التراجم عن الراوي في الشخصية الاجتماعية التي ليست لها رواية أي ليست من الرواة هذا تمام الكلام في أمور أربعة أو نقاط أربعة قد تقدمت.

فائدة علم الرجال

بقي الكلام في فائدة علم الرجال ومنهج أبحاثنا في علم الرجال

وقبل أن نتطرق إلى منهج أبحاثنا تطرق المصنف "حفظه الله" إلى موضوع أبحاثنا وذكر ثلاثة مباحث:

المبحث الأول معرفة السند

المبحث الثاني معرفة الراوي

المبحث الثالث معرفة منابع ومصادر الحديث الشريف

ومعرفة الراوي ومعرفة السند يمكن إدراجهما في الفصل الأول تحت عنوان معرفة السند فإن الراوي والتعرف عليه يمكن إدراجه تحت عنوان معرفة السند وهذا ما بحثه المصنف في الفصل الأول من بعد التصدير إلى صفحة 129 هذا كله في بحث معرفة السند وهي أبحاث في الدراية.

البحث الثاني معرفة مصادر علم الرجال ومنابعه الأساسية وهو ما درسه المصنف في الفصل الثاني من صفحة 130 إلى نهاية الكتاب وهذا بحث رجالي أفهل ندرس في هذا الكتاب الدراية كما في الفصل الأول والرجال كما في الفصل الثاني؟ الجواب كلا إذ أننا ندرس أصول الرجال يعني الأصول والضوابط التي تقع كمقدمة لعلم الرجال وهو ما يبحث في يومنا هذا تحت عنوان فلسفة العلوم أو الابستمولوجية والمراد بالأبستمولوجية أو فلسفة العلوم أو علم العلم فهذا من العلوم الثانوية يعني عندنا علم أولي وهو علم الرجال وعندنا علم ثانوي وهو علم العلم، عندنا علم أولي وهو علم الدراية وعندنا علم يشكل مقدمة إلى الدراية وهو علم العلم يعني أصول علم الدراية.

عندنا علم أولي وهو علم الحديث وعندنا علم العلم يعني العلم الذي يشكل مقدمة تمهيدية لعلم الحديث فعلم الحديث علم أولي وعلم العلم علم ثانوي فكتاب أصول الرجال لسماحة السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني "حفظه الله" يدرس فلسفة علوم ثلاثة وهي علم الرجال وعلم الدراية وعلم الحديث وعلم العلم من المباحث الجديدة في الفلسفة الحديثة والمعاصرة إذ أن الفلسفة الحديثة تدرس نظرية المعرفة بخلاف الفلسفة القديمة التي تدرس وجود الأشياء وبخلاف الفلسفة المعاصرة التي تدرس اللغات وكيفية وصول اللغة إلى المعاني فعندنا ثلاثة أنماط للفلسفة نمط وجودي وهو ما يدرس في الفلسفة القديمة ونمط معرفي وهو ما يدرس في الفلسفة الحديثة ونمط لغوي وهو ما يدرس في الفلسفة المعاصرة بحثنا من أبحاث الفلسفة الحديثة نظرية المعرفة كيف يتعرف الإنسان على الضوابط التي تشكل مقدمات للعلوم فأولا ما هي الضوابط وكيف تتطور هذه الضوابط هذا ما يدرس في فلسفة العلوم أي علم العلم أو علوم العلوم ففي العلوم الثانوية وعلوم العلوم ندرس أولا الأصول والضوابط وثانيا تطور ونمو الأصول والضوابط وهذا ما سيبحثه سماحة السيد محمد جواد الشبيري هنا تحت عنوان موضوعات أبحاثنا.

والخلاصة سندرس ثلاثة أشياء أولا معرفة السند ثانيا معرفة الراوي ثالثا معرفة مصادر الرجال الأول والثاني سندرسهما في الفصل الأول تحت عنوان معرفة السند الثاني سندرسه في الفصل الثاني هذا تمام الكلام فيما ذكره المصنف تحت عنوان موضوع أبحاثنا.

 

تطبيق العبارة

موضوع أبحاثنا

ونحن في هذه الأبحاث نبحث عن الأبحاث اللازمة كمقدمة لعلم الرجال كالأبحاث العامة الدخيلة في قبول الخبر ورده من جهة السند ولو كان دخلا غير مباشر قد يكون هذا البحث له دخل مباشر في قبول ورد السند هذا ثقة هذا ضعيف مثل مبحث الجرح والتعديل هذا له دخل مباشر وأحيانا دخل غير مباشر مثل تمييز طبقة الراوي تمييز هذا الراوي المشترك وغير ذلك فبحثنا تارة يكون لمعرفة السند وأخرى لمعرفة الراوي وهذان القسمان معرفة السند ومعرفة الراوي من أهم أبحاث علم الدراية.

وهنا جانب آخر من البحث وهو البحث عن علم الرجال كموضوع خارجي يعني في الخارج عندنا علم يقال له علم رجال وهو الذي يدرس آحاد الرواة من ناحية قبول روايتهم أو عدم قبولها هذا الموجود بالخارج علم الرجال له أصول تصلح كمقدمة له هذه الأصول بمثابة الآلة كيف أن المنطق من العلوم الآلية يعني آلة لغيرها لا يطلب بذاته وإنما يطلب لغيره علم الأصول لا يطلب بذاته ـ أصول الفقه ـ يطلب لغيره يطلب كآلة إلى الفقه كذلك أصول الرجال لا يطلب لذاته يطلب كآلة ومقدمة إلى علم الرجال لذلك يقول وهنا جانب آخر من البحث وهو البحث عن علم الرجال كموضوع خارجي هذا علم الرجال الموضوع الخارجي هو العلم الأولي من العلوم الأولية فنبحث عن كيفية بحوث هذا العلم ومنابعه هذا العلم ـ علم الرجال ـ وطرقه وأساليبه فهو يعني البحث عن كيفية هذا العلم من العلوم الثانوية كفلسفة العلوم الأبستمولوجية وإن شئت فعبر عنه بمنهجية علم الرجال إذن عندنا علمان العلم الأول علم الرجال والعلم الثاني منهجية علم الرجال، منهجية علم الرجال لا تطلب بذاتها وإنما تطلب لغيرها.

ويمكن إدراج كثير من مباحثه ـ مباحث أصول الرجال ـ في بحث معرفة السند ومعرفة الراوي إذا نرجع الضمير ويمكن إدراج كثير من مباحثه مباحث علم الرجال في مبحث معرفة السند ومعرفة الراوي.

يبقى هنا بحث هام والصحيح بحث مهم وهو البحث عن منابع علم الرجال ومصادره.

فبحثنا يقع في جوانب ثلاث:

الأول المصادر العامة لعلم الرجال وهذا ما سيبحثه في الفصل.

الثاني معرفة السند

الثالث معرفة الراوي

وهما سيبحثهما المصنف في الفصل الأول ونعبر عن جميع هذه الأبحاث بأصول الرجال تشبيها له بأصول الفقه.

إلى هنا انتهينا من بيان النقاط الأربعة الأولى من التصدير.

النقطة الخامسة

منهج البحث في أصول الرجال

ويذكر فيه المصنف ثلاث نقاط:

النقطة الأولى أتضح أن أصول الرجال بحث كلي ولكن إذا استغرقنا في الكليات والضوابط العامة سنبتعد عن الأسانيد التي هي أساس البحث والأسانيد جزئية لذلك يقول المصنف سنكثر من ذكر الأمثلة والأسانيد حتى لا نأنس بالقواعد الكلية ونبتعد عن غرضنا الأساسي وهو تمييز الأسانيد الصحيحة من الأسانيد غير الصحيحة هناك أسانيد معروفة مثلا الآن إذا أنت تأتي إلى الكافي للكليني محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه الكليني روى أكثر من ثلث الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه أكثر من الثلث بقي ما يقل عن الثلثين أكثره قد رواه بهذين السندين الثاني والثالث السند الثاني محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى العطار السند الثالث محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس وهو أبو علي الأشعري أكثر روايات الكافي مروية عن الرواة الثلاثة علي بن إبراهيم القمي ثم محمد بن يحيى العطار ثم أبو علي الأشعري وهو احمد بن إدريس وروى عن آخرين مثل محمد بن إسماعيل روى عنه قرابة ألف رواية لابد الطالب يصير عنده أنس بهذه الأسانيد أو مثلا إذا جئت إلى الشيخ الصدوق فإن أكثر رواياته عن أبيه علي بن الحسين بن بابويه الصدوق أو عن شيخه في الرجال محمد بن الحسن بن الوليد فالصدوق يروي عن أبن الوليد وعن أبيه أكثر الروايات وقد روى عن غيرهما لكن لهما حصة الأسد وهكذا الشيخ الطوسي روى كثيرا عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان وروى أيضا عن أبي جيد القمي وعن أحمد بن عبد الواحد بن الحاشر بن عبدون فمن يأنس بالروايات يحفظ الأسانيد عن ظهر قلب لذلك قد يستغرق الطالب في الكليات ويبتعد عن الدقة المتوخاة في تشخيص الجزئيات.

منهج البحث في أصول الرجال

وهنا أمور يلزمنا ذكرها إيضاحا لمنهج البحث في أصول الرجال:

الأول إن أصول الرجال وإن كان متكفلا للقواعد العامة ولا يكون بحث أصول بالذات متعرضا للأبحاث الجزئية لكن نعتقد أن تجريد القواعد الكلية عن الأبحاث التطبيقية يبعد الطالب عن واقع الرجال والحديث كما أن الإيغال في أصول الفقه بعيدا عن التطبيقات الفقهية يجعل الطالب مأنوسا بالمباحث الفلسفة والعقلية والكلية وبعيدا عن الذوق الفقهي ومن هنا فإن مقولة إن الأعلم في الأصول هو الأعلم في الفقه لا نؤمن بها لأن الأعلم في الأصول يكون دقيقا جدا في الفقه وهذا صحيح ولكن مهارة في تطبيق القاعدة الأصولية في الفقه تحتاج إلى فن كما أن الفقه ليس هو عبارة عن مجرد تطبيقات أصولية فقط وإنما فيه تتبع من جهة وذوق أدبي وفقهي وأنس بالروايات من جهة أخرى إذن للأصول متطلبات وللفقه متطلبات فهنا أيضا من برع في أصول الرجال فهذا لا يعني أنه بارع في علم الرجال نعم من جمع الاثنين طوبى له وحسن مآن.

يقول المصنف فلا يصل إلى غرضه المتوخى من دراسة هذا العلم ـ علم الرجال ـ فلذلك نكثر من الأمثلة والتطبيقات حتى يقدر الباحث على التحقيق في علم الرجال والحديث ويستفيد من منابع ومصادر الرجال على نحو صحيح فالباحث إذا أتقن هذه المباحث يحصل على قدر صالح من مباحث علم الرجال والحديث ولذلك قلنا في بداية الكلام أن هذه المباحث مباحث أصول الرجال له ربط بعلم الحديث وعلم الرجال وعلم الدراية. لذلك نحن ننصح الطلاب الذين درسوا الرجال والدراية معا أو الحديث أن يدرسوا تطبيقات في كتاب وسائل الشيعة لأن الطالب قد يلم بالكليات لكن لا يتقن التعامل مع كتاب وسائل الشيعة ما يعرف يتعامل معه وسائل الشيعة الذي فيه كثير من الأسانيد المعلقة ما يكتشف التعليق في الإسناد لكن إذا درس الوسائل ولو أسبوع أسبوعين تطبيقات في وسائل الشيعة بعد ذلك سيفقه يتعامل مع كتب الصدوق كتب الشيخ الطوسي كتاب الكافي للكليني بعد يصير محدث يصير خبير يعرف كيف يحقق السند وكيف يحقق المتن نحن درسنا بحث خارج في الرجال ولم نعرف ولم نفقه التعامل مع أسانيد الوسائل إلا حينما درسنا كتاب الطهارة والحج من وسائل الشيعة على يد أستاذنا المبجل والمعظم سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري "حفظه الله" فله فضل علي ودين في رقبتي إذ علمني كيف أتعامل مع الوسائل والآن طبع هذا الكتاب تحت عنوان بيان الدلائل في شرح الوسائل وصاحب الوسائل أيضا شرح كتابه تحت عنوان تحرير الوسائل وأيضا يوجد شرح للوسائل للسيد محمد علي الموحد الابطحي أحد المراجع في قم رحمة الله عليه وكان ديدن العلماء أن يدرسون الحديث الآن حصل كساد لمدرسة الحديث.

يقول السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني ولتدريب الدارس في الرجال والحديث نشير في ضمن البحث إلى الإسناد المشهورة الكثير التداول في كتبنا الحديثية مثل محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه هذا سند مشهور، محمد بن علي بن الحسين الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد هذا مشهور، محمد بن الحسن الطوسي عن محمد بن محمد النعمان عن التلعكبري هذا سند مشهور أسانيد كثيرة ونذكر تمارين مناسبة في المواضع اللازمة.

النقطة الثانية الكثير من المباحث الرجالية من ناحية كلية قد درست في علم الأصول مثلا كبرى حجية خبر الثقة نحن ندرس صغرى حجية خبر الثقة في علم الرجال وكبرى حجية خبر الثقة في علم الأصول يعني هل خبر كل ثقة حجة أو لا وما هي الأدلة على حجية خبر الثقة كآية النبأ والروايات والسيرة العقلائية هذا كله يبحث في علم الأصول.

مثال آخر هل عمل الأصحاب برواية ضعيفة جابر لضعف سندها وهل إعراض الأصحاب عن رواية صحيحة كاسر لصحة سندها أو لا؟ ذهب مشهور القدماء وسار على نهجهم المحقق الحلي صاحب الشرائع إلى أن السيرة العملية جابرة كاسرة وقال بعضهم إن المراد بالسيرة السيرة الفتوائية ومال إلى ذلك الإمام الخميني أعلى الله مقامه الشريف فقال إن سيرة الأصحاب جابرة كاسرة يعني عمل الأصحاب يجبر ضعف السند وإعراض الأصحاب يكسر ضعف قوة السند هذا المبنى الأول الشهرة جابرة كاسرة هذا مبنى المشهور والسيد الإمام الخميني.

المبنى الثاني بالعكس للسيد الخوئي الشهرة لا جابرة لا كاسرة عمل الأصحاب ليس جابرا لضعف السند وإعراض الأصحاب ليس كاسرا لقوة السند لأن السند ضعيف وليس بحجة والشهرة ليست حجة فضم الشهرة إلى ضعف السند هو من ضم اللا حجة إلى اللا حجة فلا ينتج الحجة هذا مبنى السيد الخوئي.

المبنى الثالث للشهيد السيد محمد باقر الصدر عمل الأصحاب ليس بجابر لكن إعراض الأصحاب كاسر لأن المدار على الوثاقة والوثوق معا فالخبر الضعيف اختل فيه الركن الأول وهو الوثاقة وإن حصل الوثوق من عمل الأصحاب بالخبر لكن الوثاقة لم تحصل فعمل الأصحاب بالخبر الضعيف لا يجبره بخلاف إعراض الأصحاب عن الخبر القوي والصحيح فإن الوثاقة موجودة فالركن الأول موجود وهو الوثاقة لكن الركن الثاني أيضا مفقود وهو الوثوق فإعراض الأصحاب يسلب الوثوق وهذا مبنى الشهيد الصدر وقد يفهم من كلمات شيخنا الأستاذ المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ حسيني الوحيد الخراساني "حفظه الله" فالمسالك ثلاثة مسلك حجية خبر الثقة للسيد الخوئي ومسلك حجية الوثوق للمشهور وعليه الشيخ الأنصاري وقد يفهم من كلمات السيد السيستاني ومسلك حجية خبر الثقة الموثوق وقد يفهم من كلمات الشهيد السيد محمد باقر الصدر والشيخ الوحيد الخراساني "حفظه الله" هذه الأبحاث كلها في علم الأصول نحن توسعنا فيها ولا داعي للتوسعة فيها تفصيلها في علم الأصول.

قال المصنف الثاني إن كثيرا من المواضيع الراجعة إلى السند قد بحثت في أصول الفقه مستوفي هنا سقط في العبارة بشكل مستوفي لفظ بشكل سقطت، بشكل مستوفي كالبحث عن حجية خبر الواحد ما المراد بالخبر الواحد ما يقابل الخبر المتواتر الخبر المتواتر ما يفيد القطع الخبر الواحد ما ليس بمتواتر يعني ما لا يفيد القطع ليس المراد بخبر الواحد يعني الخبر الذي يخبر به واحد الخبر الواحد يشمل الخبر المستفيض الذي يرويه جماعة ويشمل الخبر الذي يرويه واحد يعني الخبر الذي مفاده ظني كالبحث عن حجية الخبر الواحد يعني الخبر الذي ليس بمتواتر وأدلتها أدلة حجية خبر الواحد وشرائطها أو البحث عن جبران ضعف السند بعمل المشهور أو سقوط الخبر الصحيح سندا عن الحجية بأعراضهم ـ المشهور ـ عنه ـ عن الخبر الصحيح ـ وهذه الأبحاث نتركها إلى مظانها في علم الأصول.

المطلب الثالث إن أول من صنف في علم الرجال من الخاصة الشيعة الإمامية بشكل على ما هو الصحيح هو الشهيد الأول في كتابه البداية في علم الدراية[2] ثم شرح كتابه البداية شرحا مزجيا وأسماه الرعاية لحال البداية وكان قبل تأليف البداية والرعاية قد ألف تأليفا في الدراية قبلهما لكنه لم يصل هذا العقد المنضود لم يصل إلينا والشهيد الثاني المولود سنة 911 والمتوفى سنة 965 هجرية قمرية قد أخذ علم الدراية من العامة وكتاب البداية والرعاية قد اعتمد فيهما الشهيد الثاني على مقدمة أبن الصلاح وهو كتاب معروف عند العامة فنقل المصطلحات الموجودة في مقدمة ابن الصلاح وغيرها من كتب العامة إلى كتبنا ثم جاء أبنه وهو الشيخ حسن صاحب المعالم وصاحب كتاب منتقى الجمان في الأحاديث الصحيحة والحسان[3] وعلق تعليقا لطيفا ظريفا خلاصته يوجد فارق بين أمرين:

الأمر الأول إثبات الاصطلاح للمعنى بعد وقوعه

الأمر الثاني بالعكس إثبات المعنى للاصطلاح بعد وقوعه

أما الأول فهو أنه يوجد معنى من المعاني متحقق ثم نضع ونثبت اصطلاحا لهذا المعنى الموجود هذا يكون خفيفا وسهل المئونة وأما الثاني بالعكس الاصطلاح موجود ثم أثبت المعنى للاصطلاح الموجود يعني يوجد اصطلاح لمعنى من المعاني أأخذ هذا الاصطلاح ثم أضع معنى جديدا لهذا الاصطلاح هذا يوجب التشويش وهذا الذي حصل علماء العامة كانت عندهم أسانيدهم الخاصة يعني عندهم معان خاصة في علم الدراية جاء علماء العامة واثبتوا الاصطلاحات للمعاني الموجودة والمتحققة وهذا هو مقتضى العادة لكن الشهيد الثاني "رحمه الله" أخذ هذه الاصطلاحات التي هي لمعان خاصة عند العامة ووضع معان لهذه الاصطلاحات وهذه المعاني توافق مباني الشيعة الإمامية فيقول ولده المحقق صاحب المعالم يقول فرق بين إثبات الاصطلاح للمعنى الموجود وبين إثبات المعنى للمصطلح الموجود إثبات المعنى للمصطلح الموجود والقائم بالفعل يوجب التشويش والاشتباه.

لذلك يقول السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني حصل تفاوت وفارق بين اصطلاحات الدراية وبين واقع البحث الرجالي في الفقه فالطالب الذي يدرس الفقه الشيعي لا يحتاج إلى الكثير من مصطلحات علم الدراية لأنه إذا درس علم الدراية يدرس الاصطلاحات الموجودة في الفقه السني وفي الحديث السني.

فهناك تفاوت فاحش بين مصطلحات الدراية وبين المصطلحات التي يحتاجها في علم الفقه والرجال لذلك يقول المصنف سنسلط الضوء على المصطلحات التي تفيدنا في أبحاثنا الرجالية والفقهية وأما مصطلحات الدراية التي لا نحتاج إليها في أبحاثنا الفقهية والرجالية فلا داعي لبحثها والتوسع فيها بل إننا نجد علماء الدراية قد توسعوا في مصطلحات لا نحتاج إليها لا في الفقه الشيعي ولا الفقه السني وهناك مصطلحات نحتاج إليها في كلا الفقهين أهملوها أو لم يتوسعوا فيها.

إذن قيمة هذا الكتاب بحث عملي يسلط الضوء على أمور عملية الطالب إذا أخذ دورة رجالية ولو مختصرة مثل كتاب دروس تمهيدية في القواعد الرجالية لشيخنا الأستاذ الشيخ باقر الإيرواني ثم درس أصول الرجال للسيد محمد جواد الشبيري الزنجاني يعني عمليا يعلمه أين يقع الحذف أين يقع السقط إلى آخره ثم بعد هذا الكتاب يدرس دورة تطبيقية في علم الرجال يصير خبير يستطيع أن يمارس التحقيق الرجالي يبقى بعد ذلك عليه أن يبحث وينقب.

الثالث إن أول من صنف في علم الدراية من الخاصة يعني من الشيعة الإمامية تصنيفا مستقلا هو الشهيد الثاني، هناك دعوى أن أول من ألف في الدراية هو السيد أحمد بن طاووس صاحب كتاب التحرير الطاووسي[4] المتوفى سنة 673 هجرية قمرية والصحيح أن كتابه هو كتاب رجالي، كتاب حل الأشكال كتاب رجالي وهناك دعوى أن الذي صنف قبله هو الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405 هجرية صاحب كتاب المستدرك على الصحيحين[5] والصحيح أنه ليس بشيعي، شيعي بمعنى محب لأهل البيت يعني متعاطف مع التشيع وليس بمعنى شيعي عقائديا أي أنه يقدم أمير المؤمنين ويجعله بعد النبي بلا فصل ولا يقدم أحدا عليه.

هناك قول أن الشيخ أحمد بن فهد الحلي كتب كتابا كما نص على ذلك السيد حسن الصدر في كتابه تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ولكن لم يصل إلينا هذا الكتاب نعم هناك أبحاث في الدراية أول كتاب وصل إلينا بشكل مستقل كتاب البداية والرعاية للشهيد الثاني أما كتاب حل الإشكال للسيد أبن طاووس لم يصل إلينا كتاب أبن فهد الحلي لم يصل إلينا كتاب الحاكم صاحب المستدرك وصل إلينا لكنه ليس بإمامي.

إذن الصحيح أول من كتب في الدراية من الإمامية هو الشهيد الثاني وأول من ربع الأحاديث وقسم الأحاديث إلى أقسام أربعة صحيحة وموثقة وحسنة وضعيفة هو السيد أحمد بن طاووس أستاذ العلامة الحلي أخ السيد علي بن طاووس صاحب الكرامات صاحب كتاب الإقبال وأب السيد عبد الكريم بن طاووس صاحب كتاب فرحة الغري في تعيين كتاب علي هؤلاء ثلاثة مشهورون السيد عبد الكريم الابن مشهور في التاريخ السيد أحمد بن طاووس مشهور في الرجال السيد علي بن موسى بن جعفر بن طاووس معروف في الأدعية والزيارات وتشهد له كراماته.

الثالث إن أول من صنف في علم الدراية من الخاصة تصنيفا مستقلا هو الشهيد الثاني "قدس" على الظاهر فألف كتاب البداية في علم الدراية ثم شرحه بنفسه أسماه الرعاية لحال البداية.

وهذا الكتاب البداية والرعاية مع تقدمه ونفاسته أساسه مأخوذ من كتب الدراية للعامة وأهمها مقدمة أبن الصلاح وهذه الكتب ـ كتب العامة في الدراية ـ إنما تتعلق بأحاديثهم واستخرجت أبحاثها منها ـ من كتب العامة ـ ولا ربط لكثير من مباحثها ومصطلحات بأحاديثنا الإمامية.

وقد نبه على ذلك ولده المحقق صاحب المنتقى قدس الشيخ حسن صاحب المعالم له كتاب مطبوع ثلاثة أجزاء منتقى الجمان في الأحاديث الصحيحة والحسان، في مقدمة كتابه عند البحث عن معنى اضطراب السند.

فقال: إن طرق العامة هي الأصل في هذا النوع من الاضطراب يعني حصل اضطراب عندنا ومنشأ الاضطراب عندنا الاضطراب الموجود في كتب العامة كغيره يعني كغير هذا الاضطراب من أكثر أنواع الحديث فإنها من مستخرجاتهم بعد وقوع معانيها في حديثهم فذكروها بصورة ما وقع واقتفى جماعة من أصحابنا في ذلك أثرهم ـ أثر العامة ـ واستخرجوا من أخبرنا في بعض الأنواع ما يناسب مصطلحهم يعني ما يناسب مصطلح العامة وبقي منها كثير على حكم الفرض يعني مصطلحات افتراضية معاني افتراضية لا واقع لها في كتبنا ولا يخفى الأمر إن إثبات الاصطلاح يعني إيجاد الاصطلاح وضع الاصطلاح للمعنى بعد وقوعه يعني بعد وقوع المعنى وتحققه يعني تحقق المعنى يعني يوجد معنى موجود نوجد له اصطلاح هذا أبعد يعني إيجاد الاصطلاح واثبات الاصطلاح أبعد عن التكلف وأبعد عن احتمال الخطأ من الصورة الثانية إثبات المعنى للاصطلاح بعد وقوعه يعني وقوع الاصطلاح وتحققه تحقق الاصطلاح وأن البحث عما ليس بواقع يعني ما ليس بموجود وأتباعهم ـ أتباع العامة ـ في إثبات الاصطلاح له فيما ليس بموجود قليل الجدوى بعيد عن الاعتبار مظنة الإيهام،[6] انتهى كلامه رفع مقامه.

يضيف السيد محمد جواد الشبيري قال هذا مضافا إلى أن موضوع بعض الأبحاث المتداولة في كتب الدراية قليلة المصداق حتى في أحاديث نفس العامة كالبحث عن الخبر المتواتر وشرائط تحققه الخبر المتواتر وكثير من أخبارهم ليست متواترة.

والمتأخرون من أصحابنا "رضي الله عنهم" لم يغيروا أسلوب الكلام في علم الدراية عما صنع الشهيد الثاني بل ساروا بسيرته من الذي جاء بعده؟ أشهر كتاب وصول الأخيار إلى أصول الأخبار للشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي والد الشهيد الثاني المدفون بالمصلى في البحرين والكتاب الثالث المهم كتاب الوجيزة للشيخ البهائي هذا أشهر كتاب ولذلك كانوا يدرسونه الوجيزة وشرحت الوجيزة بعدة شروح من أشهرها كتاب نهاية الدراية في شرح الوجيزة للسيد حسن الصدر.

بل ساروا ـ المتأخرون ـ بسيرته ـ سيرة الشهيد الثاني ـ ولذلك كان بين كتب الدراية وواقعيات الحديث والرجال بون بعيد يعني فاصلة بعيدة فقد بحثوا عن مصطلحات عديدة لسنا بحاجة إلى التعرض لأغلبها وما يفيدنا من هذه المصطلحات والأبحاث لم تستوف حقها فضلت بين الأبحاث الكثيرة غير المرتبطة بالأحاديث.

فهنا مباحث عديدة حول مراحل التحقيق في السند وكيفية فهم السند وحل مشاكله لم يبحثوا عنها إلا بإشارات عابرة ولذلك نرى أن من اللازم تدوين علم الدراية الشيعي من جديد باستخراج قواعده وضوابطه من صلب أحاديثنا وإسنادها وكتبنا الرجالية.

ونحن في هذه الأبحاث نعرض عن أكثر الأبحاث المذكورة في كتب الدراية المتداولة ونعطف الكلام إلى الأبحاث والمصطلحات المفيدة في معرفة أحاديثنا فنستوفي الكلام حول هذه المصطلحات بعون الله ومنه.

وفي ختام التصدير نشير إلى فائدة أصول الرجال ووجه الحاجة إليه.

إلى هنا تطرقنا إلى خمس نقاط وجه الحاجة إلى علم الرجال، تعريف علم الرجال، موضوع علم الرجال، الفارق بين علم الرجال والعلوم المشابهة له، والنقطة الخامسة التي أخذناها اليوم منهج البحث في أصول الرجال بقيت النقطة السادسة فائدة أصول الرجال السيد المصنف يبحث نقطتين في الفائدة النقطة الأولى فائدة علم الرجال والنقطة الثانية وهي أكثر ما بحثه الأدلة التي أقيمت على عدم الحاجة إلى علم الرجال فائدة أصول الرجال يأتي عليها الكلام.

 


[1] اصول الرجال، السيد محمدجواد شبيري، ص15.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo