< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الرجال

41/09/08

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المبحث الثالث بنو فضال

 

المبحث الثالث بنو فضال وقد ادعي علاوة على وثاقتهم في أنفسهم ادعي أيضا وثاقة مشايخهم وبنو فضال هم الحسن بن علي بن فضال وأبناءه الثلاثة أحمد ومحمد وعلي واستدل على وثاقتهم ووثاقة من رووا عنه بما روي عن أبي محمد الحسن العسكري “عليه السلام” أنه قال (خذوا ما رووا وذروا ما رأوا)[1]

واعتمد الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" على هذه الرواية وحكم بصحة روايات بني فضال وقال في أول كتاب الصلاة بعد ذكره مرسلة داود بن فرقد قال والرواية وإن كانت مرسلة إلا أن سندها إلى الحسن بن فضال صحيح وبنو فضال ممن أمرنا بالأخذ بكتبهم ورواياتهم اعتمادا على الرواية المتقدمة[2] كما ذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" نظير هذا الكلام في مسألة الاحتكار من خاتمة كتاب البيع صفحة 212 من الطبعة القديمة طبعا الآن طبع في كربلاء ثلاثة أجزاء مباني الشيخ الأنصاري الرجالية جهد موفق في جمع وتحقيق آراء الشيخ الأنصاري الرجالية عنده كتابه في الرجال لم يطبع ضمن دورته موسوعة الشيخ الأنصاري الآن حقق في إيران وطبع طبعته العتبة العباسية في كربلاء.

بناء على هذا الكلام يحكم بوثاقة داود بن فرقد والإرسال لا يكون ضائرا

وقد استشكل السيد الخوئي "رحمه الله" في الرواية سندا ودلالة أما من حيث السند فمن جهتين:

الجهة الأولى هذه الرواية أوردها الشيخ الطوسي "رحمه الله" في كتاب الغيبة بهذا السند عن أبي محمد المحمدي قال حدثني أبو الحسين بن تمام هذه المشكلة الأولى قال حدثني عبد الله الكوفي هذه المشكلة الثانية، قال حدثني عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه وهو السفير الثالث للإمام المهدي قال سئل الشيخ يعني أبا القاسم رضي الله عنه ـ السفير الثالث الحسين بن روح النوبختي السمان ـ سئل عن كتب أبن أبي العزاقر ـ ابن الشلمغاني صاحب كتاب التكليف ـ قال سئل الشيخ "رضي الله عنه" عن كتب أبن أبي عزاقر بعد ما ذم وخرجت فيه اللعنة يعني خرجت اللعنة من الناحية المقدسة الإمام المهدي فقيل له فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاء قال أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن علي "صلوات الله عليهما" وقد سئل عن كتب بني فضال هذا هو العمدة كلام الإمام الحسن العسكري هو الحجة سأله عن كتب بني فضال يعني كتب ابن الشلمغاني كانت منتشرة في زمن السفير الثالث وسألوه وكتب بني فضال كانت منتشرة في زمن الإمام الحسن العسكري وقد سئل فقالوا كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاء فقال “عليه السلام” (خذوا ما رووا وذروا ما رأووا).[3]

الإشكال الأول للسيد الخوئي والإشكال في عبد الله الكوفي فإنه لم يترجم في الكتب الرجالية ولم تعلم حاله فلا يمكن الركون إلى هذا الخبر للجهالة في سنده.

الإشكال الثاني ومثله أبو الحسين بن تمام فإنه لم يذكر بشيء ولم يوثق، هذا تمام الكلام في الإشكال من ناحية سندية بحسب نظر السيد الخوئي.

وأما من ناحية دلالية فالإمام “عليه السلام” في مقام بيان أن فساد عقيدة الراوي لا يمنع من الأخذ بروايته فالمدار على الوثاقة فمدام هو ثقة فحتى وإن كان فاسقا المهم إنه ثقة ـ لا يتعمد الكذب ـ وإن كان مذهبه فاسدا فنحن لا نقول بحجية قول العدل الإمامي بل يكفي أن يكون ثقة لا يتعمد الكذب فالإمام “عليه السلام” في مقام بيان أن وثاقة الراوي لا يضرها فساد عقيدة الراوي وأما الإشكال من حيث الدلالة فلأن الرواية في مقام بيان فساد عقيدة بني فضال وفساد عقيدتهم لا يستلزم عدم حجية الرواية عنهم لكونهم ثقات في أنفسهم وأما أنهم لا يرون إلا عن الثقات وأن كل رواياتهم صحيحة فلا دلالة للرواية عليه[4] انتهى كلام السيد الخوئي في معجم الرجال الجزء الأول صفحة 68.

الشيخ الداوري "حفظه الله" يذكر احتمال ثاني وهو أن ابن الشلمغاني لما كتب كتاب التكليف كان صحيح العقيدة فلا يضر فساد عقيدته بعد ذلك وادعاه للسفارة من الأخذ بكتابه السابق وكذلك بنو فضال حينما كتبوا الروايات كانت عقيدتهم صحيحة ثم بعد ذلك انحرفوا وأصبحوا من الفطحية ولا يضر الأخذ برواياتهم أيام كتابتهم للروايات على نهج الحق لكن الإنصاف هذا الاحتمال بعيد جدا لأن احمد بن الحسن بن فضال كان من الفطحية ويقال إنه في أواخر عمره عدل إلى مذهب الحق وأما أولاده احمد بن فضال وعلي بن الحسن بن فضال فهم على مسار أبيهم.

يقول الشيخ الداوري ويحتمل أن يكون المراد أن بني فضال كانوا على الاستقامة ثم تبدل حالهم إلى الانحراف وفسدت عقيدتهم فورد السؤال عن كتبهم التي صنفوها حال استقامتهم فأجاب الإمام “عليه السلام” بما أجاب به فإنهم وإن فسدت عقيدتهم إلا أن ما رووه يمكن الأخذ به لأنهم كتبوه أيام استقامتهم وفساد العقيدة لا يضر بالرواية إذ كانوا على الاستقامة في زمان الرواية وبعد الانحراف تبقى الروايات على حالها من الاعتبار ولا يضر بها انحرافهم

ولا تتعرض الرواية المتقدمة إلى حكم الأخذ بجميع كتبهم ورواياتهم وإن اشتملت على ضعف أو جهالة أو إرسال.

إذا أردنا أن نحقق وندقق في عبارة خذوا ما رووا وذروا ما رأوا يمكن استظهار ثلاثة مباني المبنى الأول تصحيح الراوي وتوثيق كل راو رووا عنه بنو فضال وهذه الثمرة ثمرة رجالية، المبنى الثاني تصحيح الرواية فكل ما رواه بنو فضال صحيح ويعامل معاملة الصحيح حتى لو كان فيها إرسال أو كان فيها رواة ضعاف فإن جميع روايات بني فضال صحيحة وهذه ثمرة روائية وليست ثمرة رجالية.

المبنى الثالث بيان أن فساد عقيدة الراوي لا يضر بصحة روايته ما دام ثقة وهذا ليس فيه ثمرة رجالية أو ثمرة روائية وإنما بيان لنكتة رجالية وهي أن المدار في قبول رواية الراوي على الوثاقة وليس سلامة العقيدة.

السيد الخوئي "رحمه الله" يستفيد المعنى الثالث كلام الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ربما يستفاد منه المعنى الثاني تصحيح الرواية وبالتالي يكون هذا البحث خارجا عن أبحاث علم الرجال لكن البعض قد يفهم من كلمات الشيخ الأنصاري المبنى الأول أي تصحيح الراوي فتكون الثمرة رجالية.

يقول الشيخ الداوري صفحة 255 ولا تتعرض الرواية المتقدمة إلى حكم الأخذ بجميع كتبهم ورواياتهم وإن اشتملت على ضعف أو جهالة أو إرسال وعليه فدلالة الرواية قاصرة عن إفادة المدعى وهو صحة جميع كتب بني فضال ورواياتهم ويؤيد هذا الإشكال يأتي بمؤيد إذا نرجع إلى كلام الشيخ الطوسي في العدة الشيخ الطوسي في بحث حجية خبر الثقة يقول المدار كل المدار على الوثاقة ومن هنا عمل الأصحاب بروايات العامة وروايات الفطحية وروايات المنحرفي العقيدة لأنهم كانوا من الثقات ويذكر أمثلة إلى السنة كالسكوني ويذكر أمثلة إلى الفطحية وغير ذلك ومنهم بنو فضال فكلام الشيخ الطوسي مؤيد لأن فساد عقيدة الراوي لا يقدح في الأخذ برواية الراوي ما دام ثقة.

يقول الشيخ الداوري "حفظه الله" ويؤيد هذا الإشكال وهو قصور الدلالة ـ دلالة الرواية على الأخذ بكتب بني فضال ـ ما ذكره الشيخ الطوسي في العدة حيث قال ولأجل ما قلنا أي وثاقة الراوي عملت الطائفة بإخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره وإخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن عيسى ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال وبنو سماعة والطأطريون وغيرهم[5] من الواقفة انتهى كلام الشيخ الطوسي في العدة الجزء الأول صفحة 381

فالطائفة إنما عملت بإخبار هؤلاء لأنهم ثقات لا أن جميع رواياتهم صحيحة والذي يمكن استظهاره من قول الإمام “عليه السلام” هو ما اشرنا إليه من قوله “عليه السلام” (خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) يعني أن بني فضال كانوا على الاستقامة فكانت رواياتهم محل اعتماد ثم بعد أن انحرفوا وفسدت عقيدتهم استشكل الشيعة في العمل برواياتهم وكتبهم فأجاب الإمام “عليه السلام” بذلك بيانا منه “عليه السلام” أن فساد عقيدتهم لا يضر برواياتهم حال استقامتهم

ويؤيد هذا جواب الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح حينما سئل عن كتب الشلمغاني ـ أبن أبي العزاقر ـ

إلا أن يقال أن هذا لا ربط له باستقامة بني فضال وعدمها وإنما ورد السؤال عن الكتب بما هي كتب وليس السؤال عن الأشخاص فأجاب “عليه السلام” بأن كتبهم معتمدة

والحاصل أن محتملات الرواية ثلاثة:

الأول أنهم مع من روى عنهم ثقات وهذا عبارة عن تصحيح الراوي والثمرة تكون رجالية

الثاني أن كتبهم معول عليها ورواياتهم معتبرة أي تصحيح الرواية أو تصحيح المروي الثمرة روائية

الثالث أن فساد عقديتهم وانحرافهم بعد استقامتهم لا يضروا بالأخذ برواياتهم وهذا الأخير هو الصحيح يؤيده أمران:

الأمر الأول نفس المورد والمقيس عليه وهو الشلمغاني فإن الكلام عن فساد عقيدته، سؤال أنه فاسد العقيدة

الأمر الثاني ما ذكره الشيخ الطوسي "رحمه الله" في العدة فالرواية ـ رواية بني فضال ـ ظاهرة في الأخير وهو أن فساد العقيدة والانحراف بعد الاستقامة لا يضر بالوثاقة.

وعلى فرض التسليم لو فرضنا أن هذه الرواية رواية صحيحة فهي مجملة لا يصح التمسك بها، مجملة لأنها تدور بين المعاني الثلاثة فلو شككنا في الأمر الثالث دار الأمر بين الأول والأول والثاني والثالث تصبح الرواية مجملة على أننا نستظهر المعنى الثالث وفاقا للسيد الخوئي.

وعلى أي تقدير فلو افترضنا تمامية دلالة الرواية على المدعى فهي تختص بكتبهم ورواياتهم يعني يصير القدر المتيقن الثاني والثالث لا الأول لأن هي واردة مورد السؤال عن كتبهم وعقيدتهم ورواياتهم فنستفيد أن فساد العقيدة لا يضر بالأخذ بالراوي هذا أولا ونستفيد أن كتب وروايات بني فضال صحيحة ولكن من أين نستفيد أنهم لا يرون إلا عن ثقة هذا ما موجود في الرواية الأمر الأول تصحيح الراوي ما موجود في الرواية

يقول وعلى أي تقدير فلو افترضنا تمامية دلالة الرواية على المدعى فالرواية مختصة بكتب بني فضال ورواياتهم وأما مشايخ بني فضال وكونهم ثقات فلا دلالة للرواية على ذلك، هذا لو مصحح دلالة الرواية السند أيضا يمكن تصحيحه أما من روى عن خادم الحسين بن روح وهو أبو الحسين بن تمام النجاشي وثقه والسيد الخوئي نقل أيضا في معجم الرجال أن النجاشي وثقه تبقى المشكلة من جهة خادم الحسين بن روح وهو عبد الله الكوفي قد يقال إن مثل هذا المقام العظيم لا يؤتاه إلا رجل عظيم فلا أقل نستفيد مدحه لكن الصحيح مجرد كونه خادم ما يكفي قد يكون مقتضى التقية أن يأتي بشخص لعين ويخليه عنده خادم حتى يسرب أخبار ولا يستطيع تسريب شيء عن اتصاله بالإمام “عليه السلام”.

يقول ويبقى الإشكال من جهة السند إذن الرواية تبقى ضعيفة، فإن السيد الأستاذ الخوئي "قدس" ناقش في كل من عبد الله الكوفي والراوي عنه وهو أبو الحسين بن تمام فحكم بجهالتهما

وإن أمكن أن يقال إن عبد الله الكوفي هو خادم الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح ولو كان كاذبا لرده الشيخ إلا أن هذا لا يرفع الإشكال يعني لو تجاوزنا عن توثيق عبد الله الكوفي فإن الراوي عن عبد الله الكوفي وهو أبو الحسين بن تمام محل نقاش كما مر وقد ذكره السيد الأستاذ في غير المقام وناقش في وثاقته[6] ، في غير المقام في غير بحث بني فضال

إلا أنه نقل السيد الخوئي في المعجم توثيق النجاشي له وأنه من مشايخ الصدوق أبو الحسين بن تمام من مشايخ الصدوق وأن طريق الشيخ إليه صحيح يعني طريق الصدوق إليه صحيح وإحدى المباني كما هو مبنى العلامة المجلسي أن ذكر الصدوق لرجل في مشيخته يفيد المدح وقد أورد الشيخ الأنصاري هذه الرواية في كتاب الرسائل وعبر عنها بقوله ومثل ما في كتاب الغيبة بسنده الصحيح إلى عبد الله الكوفي خادم الشيخ[7] فرائد الأصول صفحة 87 مما يعني أن الشيخ الأنصاري يرى وثاقة أبو الحسين بن تمام قال بالسند صحيح إلى عبد الله الكوفي يعني يوثق أبو الحسين بن تمام فهو يصحح الرواية إلى عبد الله الكوفي ومعناه أن أبا الحسين بن تمام معتبر عنده وهو الصحيح فإن أبا الحسين بن تمام قد وثقه النجاشي، رجال النجاشي الجزء الثاني صفحة 305 وناقش السيد الخوئي في معجم الرجال الجزء 17 صفحة 362 إذن أبو الحسين بن تمام لا إشكال فيه وإنما الإشكال في جهالة عبد الله الكوفي فقط فإن أمكن الأخذ بما ذكرناه من التوجيه وهو أنه لو كان كاذبا لردعه الحسين بن نوح النوبختي فلا إشكال على الرواية من حيث السند ويبقى الإشكال في الدلالة فقط وإلا إن لم نأخذ بهذا التوجيه بأن الحسين بن روح لو ردعه وقال له لا تكذب لربما يسجن الحسين بن روح أو يقتل في ذلك الظرف الحساس وبالتالي كونها خادم للحسين بن روح لا يعني أنه ثقة إذن الإشكال مستحكم من الجهتين من جهة السند ومن جهة الدلالة أما من جهة السند فلأن الراوي هو عبد الله الكوفي خادم الحسين بن روح النوبختي ولم يرد في حقه توثيق فهو مجهول لدينا ومن جهة الدلالة فالرواية تدل على أن فساد عقيدة الراوي لا يضر بالأخذ بكلام الراوي ما دام ثقة، إذن المبحث الثالث وهو بنو فضال لم يثبت أنه من التوثيقات العامة.

المبحث الرابع أصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” فهل جميع أصحاب الإمام الصادق ثقات أو لا؟ وهل جميع من ورد اسمه في فهرست الشيخ الطوسي على أنه من أصحاب الإمام الصادق يكون ثقة أو لا يأتي عليه الكلام وسيتضح أنه ليس بتام، المبحث الرابع أصحاب الإمام الصادق يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo