درس رسائل استاد حمیدرضا آلوستانی
بخش1
96/01/20
بسم الله الرحمن الرحیم
الثالثة[1] : حصول استكشاف الحجّة المعتبرة[2] من ذلك السبب.
و وجهه: أنّ السبب المنقول بعد حجّيّته، كالمحصَّل في ما يستكشف منه و الاعتماد عليه و قبوله و إن كان من الأدلّة الظنّية باعتبار ظنّية أصله[3] ؛ و لذا كانت النتيجة في الشكل الأوّل تابعةً- في الضروريّة و النظريّة و العلميّة و الظنيّة و غيرها- لأخسّ مقدمتيه مع بداهة إنتاجه.
فينبغي حينئذٍ[4] : أن يراعى حال الناقل حين نقله من جهة ضبطه، و تورّعه في النقل، و بضاعته في العلم، و مبلغ نظره و وقوفه على الكتب و الأقوال، و استقصائه لما تشتّت منها، و وصوله إلى وقائعها؛ فإنّ أحوال العلماء مختلفٌ فيها اختلافاً فاحشاً. و كذلك حال الكتب المنقول فيها الإجماع، فربّ كتابٍ لغير متتبّعٍ، موضوعٌ على مزيد التتبّع و التدقيق، و ربّ كتابٍ لمتتبّعٍ موضوعٌ على المسامحة و قلّة التحقيق.
و مثله[5] الحال في آحاد المسائل؛ فإنّها تختلف أيضاً في ذلك.
و كذا[6] حال لفظه بحسب وضوح[7] دلالته على السبب و خفائها، و حال ما يدلّ عليه من جهة متعلّقه[8] و زمان نقله[9] ؛ لاختلاف الحكم[10] بذلك، كما هو ظاهر.
و يراعى أيضاً وقوع دعوى الإجماع في مقام ذكر الأقوال أو الاحتجاج؛ فإنّ بينهما تفاوتاً من بعض الجهات، و ربما كان الأوّل الأولى بالاعتماد بناءً على اعتبار السبب[11] كما لا يخفى.
و إذا وقع التباسٌ فيما يقتضيه و يتناوله كلام الناقل بعد ملاحظة ما ذكر[12] ، اُخذ بما هو المتيقّن[13] أو الظاهر[14] .
ثمّ ليلحظ مع ذلك[15] : ما يمكن معرفته من الأقوال على وجه العلم و اليقين؛ إذ لا وجه لاعتبار المظنون المنقول على سبيل الاجمال دون المعلوم على التفصيل. مع أنّه لو كان المنقول معلوماً[16] لما اكتفي به في الاستكشاف عن ملاحظة سائر الأقوال التي لها دخلٌ فيه، فكيف إذا لم يكن كذلك؟
و يلحظ أيضاً: سائر ما له تعلّقٌ[17] في الاستكشاف بحسب ما يعتمد عليه من تلك الأسباب- كما هو مقتضى الاجتهاد- سواء كان من الاُمور المعلومة[18] أو المظنونة[19] ، و من الأقوال المتقدّمة على النقل أو المتأخّرة أو المقارنة.
و ربما يستغني المتتبّع بما ذكر، عن الرجوع[20] إلى كلام ناقل الإجماع؛ لاستظهاره عدم مزيّةٍ عليه[21] في التتبّع و النظر، و ربما كان الأمر بالعكس و أنّه إن تفرّد بشيءٍ كان نادراً لا يعتدّ به.
فعليه[22] أن يستفرغ وُسعه و يتبع نظره و تتبّعه، سواء تأخّر عن الناقل أم عاصره، و سواء أدّى فكره إلى الموافقة له أو المخالفة، كما هو الشأن في معرفة سائر الأدلّة و غيرها ممّا تعلّق بالمسألة[23] ، فليس الإجماع إلّا كأحدها[24] .
جلسه 90 (ص 223)
فالمقتضي[25] للرجوع إلى النقل هو مَظِنّة وصول الناقل إلى ما لم يصل هو إليه[26] من جهة السبب، أو احتمال ذلك[27] ، فيعتمد[28] عليه[29] في هذا[30] خاصّةً بحسب ما استظهر من حاله و نقله و زمانه، و يصلح[31] كلامه مؤيّداً فيما عداه مع الموافقة؛ لكشفه عن توافق النسخ و تقويته للنظر.
فإذا لوحظ جميع ما ذُكر، و عُرف الموافق و المخالف إن وجد، فليُفرض المظنون منه[32] كالمعلوم؛ لثبوت حجّيته بالدليل العلميّ و لو بوسائط[33] .
ثمّ لينظر: فإن حصل من ذلك[34] استكشافٌ معتبر كان حجّةً ظنّيّة، حيث[35] كان متوقّفاً على النقل الغير الموجب للعلم بالسبب أو كان المنكشَف غير الدليل القاطع، و إلّا فلا[36] .
و إذا تعدّد ناقل الإجماع[37] أو النقل، فإن توافق الجميع لوحظ كلّ ما علم على ما فُصِّل و اُخذ بالحاصل، و إن تخالف لوحظ جميع ما ذكر و اُخذ فيما اختلف فيه النقل بالأرجح بحسب حال الناقل، و زمانه، و وجود المعاضد و عدمه، و قلّته و كثرته، ثمّ ليُعمل بما هو المحصَّل، و يُحكم على تقدير حجّيته بأنّه دليلٌ واحدٌ و إن توافق النقل و تعدّد الناقل.
و ليس ما ذكرناه مختصّاً[38] بنقل الإجماع المتضمّن لنقل الأقوال إجمالاً، بل يجري في نقلها تفصيلاً أيضاً، و كذا في نقل سائر الأشياء التي يبتني عليها معرفة الأحكام[39] . و الحكمُ فيما إذا وجد المنقولُ موافقاً لما وجد أو مخالفاً مشتركٌ بين الجميع، كما هو ظاهر.
و قد اتّضح بما بيّناه[40] : وجه ما جرت عليه طريقة معظم الأصحاب:
من عدم الاستدلال بالاجماع المنقول على وجه الاعتماد و الاستدلال غالباً، و ردّه بعدم الثبوت أو بوجدان الخلاف و نحوهما، فإنّه المتّجه على ما قلنا، و لا سيّما فيما شاع فيه النزاع و الجدال، أو عُرفت فيه الأقوال، أو كان من الفروع النادرة التي لا يستقيم فيها دعوى الإجماع؛ لقلّة المتعرّض لها إلّا على بعض الوجوه التي لا يعتدّ بها، أو كان الناقل ممّن لا يعتدّ بنقله؛ لمعاصرته، أو قصور باعه، أو غيرهما ممّا يأتي بيانه، فالاحتياج إليه مختصٌّ بقليلٍ من المسائل[41] بالنسبة إلى قليلٍ من العلماء[42] و نادرٍ من النقلة الأفاضل[43] ، انتهى كلامه، رفع مقامه.