و دعوى[1] : كون ذلك[2] منهم للبناء على كون الأخبار الصادرة عنهم عليهم السّلام من قبيل[3] تأليف المصنّفين، واضحةُ الفساد[4] .

مع أنّها لو صحّت[5] لجرت في الكتاب العزيز؛ فإنّه[6] أولى[7] بأن يكون من هذا القبيل، فترتفع ثمرة التفصيل[8] المذكور؛ لأنّ المفصِّل معترفٌ بأنّ ظاهر الكلام الذي هو من قبيل تأليف المؤلّفين حجّةٌ بالخصوص[9] ، لا لدخوله في مطلق الظنّ، و إنّما كلامه في اعتبار ظهور الكلام الموجَّه إلى مخاطبٍ خاصّ بالنسبة إلى غيره[10] .

و الحاصل: أنّ القطع حاصلٌ لكلّ متتبّعٍ في طريقة فقهاء المسلمين، بأنّهم يعملون بظواهر الأخبار من دون ابتناء ذلك[11] على حجّية الظنّ المطلق الثابتة بدليل الانسداد، بل يعمل بها من يدّعي الانفتاح[12] و ينكر العمل بأخبار الآحاد؛ مدّعياً كون معظم الفقه معلوماً بالإجماع و الأخبار المتواترة.

و يدلّ على ذلك[13] أيضاً[14] : سيرة أصحاب الأئمّة عليهم السّلام؛ فإنّهم كانوا يعملون بظواهر الأخبار الواردة إليهم من الأئمّة الماضين عليهم السّلام‌، كما يعملون بظواهر الأقوال التي يسمعونها من أئمّتهم عليهم السّلام، لا يفرّقون بينهما إلّا بالفحص[15] و عدمه[16] ، كما سيأتي‌.

و الحاصل: أنّ الفرق في حجّية أصالة الحقيقة و عدم القرينة بين المخاطب و غيره مخالفٌ للسيرة القطعيّة من العلماء و أصحاب الأئمّة عليهم السّلام.

هذا كلّه، مع أنّ التوجيه المذكور لذلك التفصيل- لابتنائه[17] على الفرق بين أصالة عدم الغفلة و الخطأ في فهم المراد[18] ، و بين مطلق أصالة عدم القرينة[19] - يوجب عدم كون ظواهر الكتاب[20] من الظنون المخصوصة و إن قلنا بشمول الخطاب للغائبين[21] ؛ لعدم جريان أصالة عدم الغفلة في حقّهم مطلقاً. [22]

فما ذكره- من ابتناء كون ظواهر الكتاب ظنوناً مخصوصة، على شمول الخطاب للغائبين- غير سديد؛ لأنّ الظنّ المخصوص إن كان هو الحاصل من المشافهة الناشئ عن ظنّ عدم الغفلة و الخطأ، فلا يجري في حقّ الغائبين و إن قلنا بشمول الخطاب لهم، و إن كان هو الحاصل من أصالة عدم القرينة فهو جارٍ في الغائبين[23] و إن لم يشملهم الخطاب.