و على الثاني[1] : فإن ثبت جواز الاستدلال[2] بكلّ قراءة- كما ثبت بالإجماع جواز القراءة بكلّ قراءة- كان الحكم كما تقدّم[3] ، و إلّا[4] فلا بدّ من التوقّف في محلّ التعارض و الرجوع إلى القواعد مع عدم المرجّح[5] ، أو مطلقاً[6] بناءً على عدم ثبوت الترجيح[7] هنا، فيحكم باستصحاب الحرمة قبل الاغتسال؛ إذ لم يثبت تواتر التخفيف[8] ، أو بالجواز بناءً على عموم قوله تعالى: «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ»البقرة/223‌ من حيث الزمان، خرج منه[9] أيّام الحيض على الوجهين[10] في كون المقام من استصحاب حكم المخصّص[11] أو العمل بالعموم الزمانيّ[12] .[13]

الثالث[14] :

أنّ وقوع التحريف[15] في القرآن- على القول به- لا يمنع من التمسّك بالظواهر؛ لعدم العلم الإجماليّ[16] باختلال الظواهر بذلك. مع أنّه لو علم[17] لكان من قبيل الشبهة الغير المحصورة.[18] مع أنّه لو كان من قبيل الشبهة المحصورة، أمكن القول بعدم قدحه؛ لاحتمال كون الظاهر المصروف عن ظاهره، من الظواهر الغير المتعلّقة[19] بالأحكام الشرعيّة العمليّة التي اُمرنا بالرجوع فيها إلى ظاهر الكتاب، فافهم[20] .

الرابع:

قد يتوهّم: أنّ وجوب العمل بظواهر الكتاب بالإجماع مستلزمٌ لعدم جواز العمل بظواهره‌؛ لأنّ من تلك الظواهر ظاهر الآيات‌ الناهية عن العمل بالظنّ مطلقاً حتّى ظواهر الكتاب.

و فيه: أنّ فرض وجود الدليل على حجّية الظواهر موجبٌ لعدم ظهور الآيات الناهية في حرمة العمل بالظواهر[21] .

مع أنّ ظواهر الآيات الناهية لو نهضت للمنع عن ظواهر الكتاب لمنعت عن حجّية أنفسها[22] ، إلّا أن يقال: إنّها لا تشمل أنفسها، فتأمّل[23] .

و بإزاء هذا التوهّم توهّم: أنّ خروج ظواهر الكتاب عن الآيات الناهية ليس من باب التخصيص، بل من باب التخصُّص؛ لأنّ وجود القاطع على حجّيتها[24] يخرجها عن غير العلم إلى العلم.

و فيه[25] ما لا يخفى[26] .