أمّا المخالفة[1] الغير العمليّة[2] ، فالظاهر جوازها[3] في الشبهة الموضوعيّة و الحكمية معاً، سواء كان الاشتباه و الترديد بين حكمين لموضوعٍ واحد كالمثالين المتقدّمين، أو بين حكمين لموضوعين، كطهارة البدن[4] و بقاء الحدث[5] لمن توضّأ غفلةً[6] بمائع مردّد بين الماء و البول.

أمّا في الشبهة الموضوعيّة؛ فلأنّ الأصل[7] في الشبهة الموضوعيّة إنّما يُخرج[8] مجراه عن موضوع التكليفين، فيقال: الأصل عدم تعلّق الحلف بوطء هذه و عدمُ تعلّق الحلف بترك وطئها، فتخرج المرأة بذلك[9] عن موضوع حكمي التحريم و الوجوب، فيحكم‌ بالإباحة؛ لأجل الخروج عن موضوع الوجوب و الحرمة، لا لأجل طرحهما[10] . و كذا الكلام في‌ الحكم بطهارة البدن و بقاء الحدث في الوضوء بالمائع المردّد.

و أمّا الشبهة الحكميّة[11] ؛ فلأنّ الاُصول الجارية فيها[12] و إن لم تُخرج[13] مجراها عن موضوع الحكم الواقعي[14] ، بل كانت[15] منافيةً لنفس الحكم[16] ‌- كأصالة الإباحة مع العلم بالوجوب أو الحرمة؛ فإنّ الاُصول في هذه[17] منافيةٌ لنفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالاً، لا مخرجة عن موضوعه[18] - إلّا أنّ الحكم الواقعي[19] المعلوم إجمالاً لا يترتّب عليه أثرٌ إلّا وجوب الإطاعة[20] و حرمة المعصية، و المفروض[21] أنّه لا يلزم من إعمال الاُصول مخالفةٌ عمليّةٌ له[22] ليتحقّق المعصية.

و وجوب الالتزام[23] بالحكم الواقعي مع قطع النظر عن العمل غير ثابت؛ لأنّ الالتزام بالأحكام الفرعيّة إنّما يجب مقدّمةً للعمل[24] ، و ليست كالاُصولِ الاعتقاديةِ يطلب فيها الالتزام و الاعتقاد من حيث الذات.[25]