< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المعاطاة جائزة واللزوم ذاتي في البيع

 

الكلام في النقطتين اللتين أثارهما الشيخ الأنصاري في المعاطاة، أصل الحكم في المعاطاة هل هي بيع أو لا وحينما يقولون هل هي بيع أو لا فالخلاف الموجود بين الاعلام أنه هل هي بيع عرفي أو لا، هذه مرحلة ثم هل هي بيع شرعي أو لا، فإذا قيل يوجد خلافٌ بين الاعلام - كالكركي وصاحب الجواهر والمشهور - هل هي بيع عرفي أو لا؟، وهذا هو محل بحث ونزاع لابد من تنقيحه، وهناك نزاع آخر في المعاطاة فهل هي بيع شرعي أو لا؟، ولماذا قدموا البيع العرفي على البيع الشرعي؟ لأنَّ البيع العرفي مأخوذ موضوعاً في البيع الشرعي كما مر، فإنَّ أدلة صحة البيع موضوعها البيع العرفي فإذا لم ينقح وجود البيع العرفي لم ينقح وجود البيع الشرعي وهذه نكتة مهمة ولذلك التفت إليها الاعلام، فإذا قيل البيع الشرعي يعني الصحة الشرعية فحينئذٍ تأتي نوبة الكلام في أنَّ المعاطاة هي بيع عرفي شرعي صحيح لازم أو لا؟، فيصير الكلام في ثلاث مقامات.

فإذا أردنا أن نلاحظ كلام الشيخ الانصاري يعني تبويب البحث يمكن أن تسجل عليه مؤاخذة، فهو بعدما طرح هذا البحث مثلاً التنبيه الأول الذي ذكره في المعاطاة - وهذا نذكره كعنونة وكفهرسة فقط لأننا إلى الآن لم نحسم البحث في أصل بحث المعاطاة - مع أنه أثار كلام المشهور وغير ذلك قال في التنبيه الأول هل المعاطاة هي بيع حقيقة أو ليست ببيع - الآن هو بيع شرعي أو بيع عرفي فهذا بحث آخر - وهذا البحث هو نفسه في أصل البحث يعاود فيه الشيخ الانصاري مرة، ومن الواضح أنَّ هذه ذريعة لأبحاث أخرى مثل أنه هل بقية شروط البيع يشترط في المعاطاة أو لا؟، فالتنبيه الثاني في المعاطاة الذي عنونه الشيخ الأنصاري هل المعاطاة من جانبٍ واحد أو لا وهذا أيضاً لا بأس به ونستطيع أن نقول إنَّ هذا بحث ذيلي سيأتي، وأما التنبيه الثالث وهو تمييز البائع من المشتري فهو بحث ذيلي أيضاً، ولكن التنبيه الرابع وهو أقسام المعاطاة يعني أقسام المعنى الماهوي الذي يقصد في المعاطاة فهذا ليس تنبيها وإنما هو من أصل البحث فكيف يجعله الشيخ الانصاري تنبيها رابعاً والحال أنَّ المفروض أن يكون في أصل البحث لأنه كما سبق عنونّا هل المعاطاة معاوضة اباحة أو معاوضة تمليك أو معاوضة ملك؟، وعليه فهنا يوجد ارباك من جهة التنبيهات.

وعلى أي تقدير الكلام الآن يقع فيما ذكره الشيخ الانصاري ونحن سبق وأن نقلنا كلامه بأنه يقول إنَّ الملكية التي تنشأ هي واحدة في الهبة وفي البيع وفي المسبَّب الذي يُنشأ وإنما الاختلاف في احكام ملكية الهبة مع ملكية البيع والملكية في العقود الجائزة والملكية في العقود اللازمة ليس هو في الملكية وإنما هو بلحاظ نفس السبب، هذا الكلام صحيح أو غير صحيح؟ صحيح أنَّ السبب له دور ولكن لا أنه بمنأى عنه المسبب بل المسبب له دور، كما مر كلام السيد اليزدي والآخوند أن الملكية اليتي في الهبة ليست كل خيوط الملكية نقلت كما أنَّ الملكية التي في البيع وإن كانت كل الخيوط نقلت إلا أن خيطاً من خيوطها وهو السلطة على فسخ العقد باقٍ كما أنَّ الفرق بين الهبة والبيع الملكية في الهبة والملكية في البيع هو اختلاف في الملكية والملكية في الوقف أن الملكية في الوقف الواقف لا يستطيع أن يتسلط على عقد الوقف أو عقد الصدقة ولا يستطيع أن يتسلط على الملكية في الصدقة أو في الوقف فلا يستطيع أن يستردها ولكن يبقى خيط من خيوط الملكية وهو تولي الوقف فإنه يبقى للواقف، فنلاحظ مثلاً بين هذه الأقسام الثلاثة كنموذج يوجد اختلاف في المسبب ويوجد اختلاف في السبب.

وهناك دعوى أخرى للشيخ: - وهي أنَّ اللزوم في العقود اللازمة ذاتي وإلا لم يكن البيع بيعاً، اللزوم وهو لزوم حقي، فاللزوم في العقود اللازمة ذاتي، وهذه القاعدة أو هذه الضابطة أو هذا الميزان هل يتصادم مع ما ذهب إليه المشهور في المعاطاة أو لا؟، لأنه في المعاطاة المشهور قطعاً يذهبون إلى عدم لزومها فأصلاً ليست بلازمة ليست أنها لازمة وفيها خيار الفسخ بل كأنما كلماتهم أنها كالهبة يجوز له أن يستردها، فهنا يوجد نوع من العقدة فكيف تحل؟ وكيف يمكن أن يفسر كلام المشهور وهل يمكن لمتأخري العصر أن يوافقوهم على هذا الشيء أو لا وأن المعاطاة جائزة وليست بلازمة وجائزة ليست جوازاً حقياً أو أنها لازمة حقياً وإنما هي ليست بلازمة حكماً فكيف تكون المعاطاة هي بيع ولكنها ليست لازمة وهل يمكن في ماهية البيع التفكيك بين اللزوم وبين صحة البيع؟ بين الزوم وصحة الاجارة بين اللزوم وصحة القر بين اللزوم وصحة الصلح أي العقود اللازمة فالعقود اللازمة هل اللزوم فيها ذاتي أو لا؟ وهذا بحث خطير وحساس في كل هذه الأبواب، ومقصودهم من اللزوم مرَّ بنا أنه ليس اللزوم الحكمي فحسب وإنما المراد منه اللزوم الحقي.

ولنحاول أن نخوض في تفسير هذا المبحث عندهم: - الهبة فيها جواز حكمي وجواز حكمي يعني أنَّ خيطاً من السلطة وتسلط لمالك لازال موجوداً في العين الموهوبة ما لم تكن الهبة لازمة، أما في العقد اللزمة كالبيع والاجارة والصلح والقرض قالوا بأنها عقود لازمة فهل مرادهم لزوم حكمي أو لزوم حقي؟ إنه بمعنيين، فلزوم حكمي يعني أنَّ البائع لا يبقى له خيط سلطنة متعقلة بالعين وإن كان له خيط سلطنة فهو يتعلق بالعقد وفسخ العقد لا بالعين مباشرة فهو يفسخ ثم يسترد العين بينما في الهبة فهو يسترد العين فلديه يد وسلطنة وتسلط على العين مباشرة الذي هو أساس عقد الهبة فإذا استرد العين كأنما يجعل عقد الهبة سالبة بانتفاء الموضوع، فالبيع بهذا المعنى لازم حكماً يعني في البيع لا يبقى للبائع اعتبار ملكية في العين المبيعة المملوكة له سابقا وهذا حتى في الاجارة وكذلك الحال بالنسبة للمشتري مع الثمن أو المستأجر مع الأجرة فبهذا المعنى هذا لزوم حكمي لأنَّ الجواز الحكمي والجواز الحكمي كل له معان فبهذا المعنى البيع لزوم حكمي والاجارة لزوم حكمي والقرض لزوم حكمي فحينما يقرض المالك القرض لا تبقى له يد على العين المقترضة - النقود المقترضة - وإنما يستطيع أن يقول للمقترض أدِّ القرض ولكن شخص العين التي أعطاها للمدين - كالنقد أو عين قيمية أخرى أو عين مثلية - فليس له سلطة على شخص العين المقترضة وهذا مرَّ بنا هذا الشيء، ففي العقود اللزوم لزوم حكمي بهذا المعنى موجود، ولزوم حكمي أيضاً موجود وهو أن يتعهد بأن لا يفسخ العقد، فالبيع وإن اشتمل على الخيارات لا ينافي اللزوم الحقي، يعني لولا شرعنة أو اشتراط حق الخيار الآن الخيار بسبب أو بشرط أو بأي شيء آخر لولا هذا اللزوم الحقّي موجود، ولماذا سمي لزوما حقيا؟ لأن هذا اللزوم ليس من الشارع وإنما هو شبيه النذر فالنذر وجوبه من الشارع أو من الناذر؟ الناذر هو الذي أوجب على نفسه، فهذا اللزوم الحقي هو نفسه تعهد إلى الطرف الآخر في مقابل أن يتعهد الطرف الآخر أيضاً فهذا تبادل التعهد أنذر وعد من المكلف لله تعالى وهكذا النذر واليمين، أما وعد المتعاقدين كلٌّ للآخر فهو وعد وعهد حقي أي صار حقاً للطرف الآخر وليس حقاً لله عزَّ وجل وحينما يقال هو حق للطرف الآخر فيستطيع الطرف الآخر أن يسقط حقة ويقيل المتعهد عن حقه.

إذاً اللزوم في العقود اللازمة عندنا لزومان لزوم حكمي بذاك المعنى موجود في قبال الهبة وأمثالها ولزوم حقي موجود يعني كل واحد منهما تعهد للآخر فيمكن أن يتقايلاً، وهنا يأتي سؤال طرحه الشيخ وهو هل البيع الصحيح شرعاً بل حتى عرفاً والقرض الصحيح والاجارة الصحيحة - أي العقود اللازمة الصحيحة - يمكن تفكيك اللزوم عنها بأن يتبانى المتعاقدان في البيع سواء كان بيعاً لفظياً أو معاطاتياً أو اجارة معاطاتية أو اجارة لفظية فهل للمتعاقدين أن يتبانيا ويتواطئا على أن ينشا الصحة من دون لزوم فهل هذا يمكن أو لا يمكن فإذا لم يمكن لأن اللزوم ذاتي وأي لزوم ذاتي فهل هو اللزوم الحكمي أو هو اللزوم الحق أو كليهما؟، فأيّ لزوم هو الذاتي للبيع؟، وكيف التزم المشهور بأنَّ المعاطاة ليست لازمة وإنما هي جائزة فهل لا يرونها بيعً أو ماذا؟ الشيخ من بداية المعاطاة إلى نهايتها هو في حيص وبيص في تفسير هذا المبنى للمشهور وكيف يمكن توجيهه صناعياً، وليس الشيخ فقط بل الكركي هكذا ايضاً وليس الكركي فقط بل صاحب الجواهر أيضا هكذا، قال صاحب الجواهر إنَّ مرادهم أن المعاطاة لست لازمة تلك المعاطاة اليت قصد المتعاقدان ليس البيع وإنما قصدا التعاوض في الاباحة وهذا الكلام مرَّ بنا في بداية المعاطاة الذي نقله الشيخ الانصاري عن صاحب الجواهر، ولماذا التزم صاحب الجواهر بهذا التفكيك؟ إنه إذا بنينا على أن البيع من ذاتياته اللزوم فسوف لا ينفك انشاء البيع عن اللزوم من ثم حمل كلام المشهور على أنَّ المعاطاة جائزة وليست بلازمة أنها ليست بيعاً وإنما في موارد قصد فيها الاباحة المعاوضية، وسبق وأن شرحنا معنى المعاوضة بين الاباحتين اباحة في مقابل اباحة، يعني ما الفرق إذاً بين العارية والمعاطاة إذا كانت على الاباحة؟ الفرق موجود فإن العارية ليست فيها معاوضة وأما في المعاطاة فحينما يقول له أبيح لك المبيع على أن أنبيح لك الثمن فهنا يوجد تعاوض في الاباحة فهنا توجد اباحة عوضية، وسبق أن مرَّ شرح هذا المطلب، فلذلك صاحب الجواهر لكي يفسر مبنى المشهور قال إنَّ مرادهم من كون المعاطاة جائزة وليست بلازمة ما لو قصد المتعاطيان الاباحة المعاوضية وهذا صحيح لأن الاباحة المعاوضية ليست بيعاًن وأما الكركي فقد فسره بتفسير آخر وهو فيما إذا أنشأ المتعاطيان بالمعاطاة الصحة ولم ينشئا اللزوم، وهنا اشك صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري على الكركي وأنه كيف ينشئان صحة البيع منفكاً عن اللزوم إذا كان اللزوم ذاتي للبيع؟!! فبالتالي ما هو الصحيح؟ وطبعاً ما هو الصحيح تنقيحاً لهذا القاعدة وهي أن العقود اللازمة اللزوم فيها ذاتي أو لا وما هو الزوم الذي هو ذاتي فيها في قبال العقود الجائزة، أو ليس بذاتي وإنما يمكن تفكيك الصحة عن اللزوم سواء بإنشاء بالمعاطاة أو بإنشاء باللفظ فهل يمكن هذا أو لا يمكن؟، إنه في النكاح مسلم فلا يمكن إنشاء النكاح بنحو الجواز لا الجواز الحقي ولا الجواز الحكمي، بل النكاح هو عقد بات ثابت قاطع لأيَّ صلة في خط الرجوع إلا بالطلاق الذي هو آلية خاصة للفسخ والتي هي غير الفسخ المعهود في العقود الأخرى وإنما هو فسخ بآلية تعبدية خاصة وهي أيقاع ويحتاج إلى شهود ويحتاج إلى عدة ويحتاج إلى ملابسات وذيول كثيرة، وأحد الاخوة سأل في النكاح عندنا شرعاً لا يمكن أن تنشئ النكاح العرف مثلاً فالعرف يستجد تقنين عقد نكاح ليس فيه لزوم طبعاً إذا كان نكاحاً دائماً وأما إذا كان نكاحاً منقطعاً فالزوج يمكنه أن يهب بقية المدَّة، فليس اللزوم ففي العقد المنقطع ليس هناك بتّية، ففي العقد المنقطع لا يحتاج إلى صيغة في الطلاق وهذا نوع من الجواز وبهذا النمط من الجواز موجود، فالمقصود أنه في عقد النكاح الدائم بلا شك أن الشارع حكم بأنه لازم حكماً وليس بجائز حتى حقاً بل هنا يوجد لزوم حكمي أعلى حتى من اللزوم الحقي بكلا معنييه ولا يمكن انشاءه بشكل آخر فإن الشراع حكم بذلك وأما إذا كان منقطعاً فلا فإنَّ الشارع قد سوّغه، فالكم هنا الآن في ماهية البيع وأنه هل يمكن التفكيك بين الصحة واللزوم إنشاءً أو لا يمكن أم أنه يدعى أنه ماهية أن هذان متلازمان يمتنع التفكيك بينهما؟، وهنا يقع الحيص والبيص، وسبق وأن نقلنا كلام السيد اليزدي والآخوند فهما قالا إن اللزوم ذاتي في البيع براهنه ودليله أن عين المبيع - فضلاً عن الثمن - التي ينقلها البائع إلى المشتري فهو ينقل كل خيوطها وإذا نقل كل خيوطها فلا يبقى عنده خيط فإذا بقي عنده خيط منها فهذا لا يصير بيعاً وإنما تصير هبة، فرق البيع عن الهبة المعاوضية ما هو فإنَّ الهبة المعاوضية ليست هبة محضة وإما يوجد فهيا تعاوض ولكن ما الفرق بين البيع وبين الهبة المعاوضية؟ إنه في البيع كل خيوط الملكية تنتقل كذلك الحال في الاجارة كل خيوط الملكية لمنفعة ينقلها مالك العين إلى المستأجر، فإذاً حسب دعوى لسيد اليزدي والآخوند أنَّ اللزوم ليس فقط آلية سبب بل اللزوم مرتبط بالمعنى المسببي الماهوي المنشأ بذلك السبب، ففي البيع آلة الانشاء تنشئ نقل الملكية للعين برمتها من البائع إلى المشتري - هذا هو كلام السيد اليزدي والآخوند - فإذاً إنشاء اللزوم عند العلمين في ماهية البيع ذاتي وإذا كان ذاتي كيف تفسران أنَّ المعاطاة جائزة عند المشهور؟ إنهما يفسران كلام المشهور بأنَّ المتعاقدين في المعاطاة قد أنشئا البيع - فإذا أنشئا البيع كيف تكون جائزة - فهما يقولان صحيح أن الجواز ينافي البيع كما مرَّ الآن لأنَّ اللزوم ذاتي في البيع ولكن يقولان إنَّ آلة إنشاء اللزوم في البيع المعاطاتي مشروطة بدلاً عن اللفظ التصرف ويعبرون عنها بالتصرفات الملزمة للمعاطاة لأنه ليس فيها لفظ - فهذا اللفظ هو آلة إنشاء للصحة التأهلية - فإذا انضم إليها التصرفات الملزمة للمعاطاة لأنه يوجد بحث عقده كل الأعلام بما فيهم الشيخ الانصاري والقدماء والمشهور هو بحث في المعاطاة تحت عنوان ملزمات المعاطاة باعتبار أنَّ المشهور ذهبوا إلى جواز المعاطاة فإنه لا تفيد اللزوم فمتى تفيد اللزوم؟ إنها تفيد اللزوم في موارد أهمها التصرفات الملزمة فإذا تصرف في العين التي جرت عليها المعاطاة تصرفات مغيرة أو ناقلة يعبرون عنها بالتصرفات الملزمة للمعاطاة ويسمونها تصرفات ملزمات للمعاطاة يعني تقلب المعاطاة من جائزة إلى ملزمة وهذا هو مذهب المشهور والسيد اليزدي والآخوند فهما يقولان في تفسير مبنى المشهور نحن لم نرفع اليد عن كون البيع ذاتي اللزوم، فإذاً هنا ماذا تصنعون مع المشهور؟ يقولون إنَّ المشهور يقولون إنَّ فترة المعاطاة إلى فترة التصرفات الملزمة هذه الفترة يوجد فهيا بيع تأهلي وليس بيعاً فعلياً، وسنشرح ما هو البيع التأهلي والصحة التأهلية، يقولون هذا بيع تأهلي وصحة تأهلي فإذا حصلت التصرفات تكون هي آلة إنشاء اللزوم فيتم البيع، وهذا شبيه الهبة أو الصدقة أو الوقف فالهبة هل تقع هبة فعلية من دون قبض؟ كلا لا تقع هبة، ما هو دور قبض الموهوب للهبة؟ إنَّ دورها هو أنها شرط صحة، القبض في الهبة هل هو وفاء بالهبة أو أنه شرط صحة؟ إنه شرط صحة وليس مثل البيع فإنَّ القبض في البيع هو وفاء بالبيع وليس شرط صحة ولا شرط لزوم بينا القبض في الهبة والدقة والوقف هو شرط صحة وشرط صحة يعني أن الهبة لا تتحقق خارجاً وفعلاً إلا بالقبض فلو قال ألف مرة وهبتك وذاك يقول ألف مرة قبلت فها لا تتحقق الهبة، ولكن هذه الهبة الآن التي هي بإيحاب وقبول هل هي هبة فضائية أو ماذا؟ إنَّ هذا العقد اللفظي للهبة يعبرون عنه صحة تأهلية يعني يتأهل فإذا حصل القبض تصير هبة تامة فالقبض في الهبة جزء السبب فالقبض الشرط في الهبة يعني أنه جزء السبب والقبض في الوقف هو جزء السبب فلو قال أنا أوقفت هذه الدار وعندي شهود ولكن لم يبن فيها شيء ولم يقبضها من وقفها عليهم افترض انه أوقفها على عموم المصلين في المسجد ولم يقبضها لهم فهنا لا يتحقق الوقف لأنَّ الوقف صدقة والصدقة هي نوع من الهبة والهبة جزء من السبب فيها هو القبض ولذلك القبض هو جزء سبب الوقف والقبض جزء سبب الهبة وجزء سبب الصدقة، مثلاً يوجد مال لشخص فيقول للفقير هذا ملك لك ولكنه لم يفتح الصدوق ويعطيه هذا المال فهذه صدقة انشائية معلقة ولم تتم لأن الهبة وما تحتها من عقود هي جنس الهبة من الصدقة الاوقاف وما شاكلها لابد وأن يكون جزء السبب فهيا هو القبض، فكما أن جزء السبب هو الايجاب والقبول كذلك الحال في القبض فإنه جزء السبب وهو حكم من الشارع فلا هبة إلا بالقبض، وحينما تصير جزء السبب يعني أنها جزء الانشاء وأما بين فترة الايجاب والقبول والقبض الهبة يسمونها صحة تأهلية أي بالفعل هي ليست هبة وإنما هي أرضية تحقق الهبة واصطلاحاً يسمونها صحة تأهلية، فالسيد اليزدي والآخوند يشرحان مبنى المشهور أنَّ مبنى المشهور جعلوا التصرفات الناقلة أو المتلفة للعين في المعاطاة جزء السبب وبمجرد المعاطاة لا يحصل ملك وبيع وإنما يحصل مجرد الإذن والجواز لأنه لم يتم السبب وإنما يتم السبب إذا حصلت تصرفات ناقلة، وأما الفترة بين المعطاة والتصرفات اليت هي جزء انشاء السبب الجواز من أين يأتي فهو بيع تأهلي فمن اين يأتي الجواز؟ يذكر العلمان أن هذا شبيه بالهبة فإنه إذا وهب شخص شخصاً آخر هبة أليس في هذه الهبة إذن مالكي بالأخذ فإنه يوجد إذن ضمني بوضع يد الموهوب على العين عرفاً فهذه إجازة مالكية وإذن مالكي.

وسنواصل غداً إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo