< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/11/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب البيع

 

قوله: (وروى ابن أشيم فيمَنْ دفع إلى مأذون ألفاً ليعتق نسمةً، ويحجّ عنه بالباقي فأعتق أباه، وأحجّه بعد موت الدَّافع، فادَّعى وارثه ذلك، وزعم مولى المأذون، ومولى الأب أنَّه اشتراه بماله، تمضي الحجّة، ويردّ رقّاً لمولاه حتّى يقيم الباقون بيّنة وعليها الشَّيخ)

 

روى عليّ بن أحمد بن أشيم عن أبي جعفر (عليه السَّلام) (عن عبد لقوم مأذون له في التِّجارة دفع إليه رجل ألف درهم، فقال: اِشتر بها نسمةً، وأعتقها عنِّي وحجّ عنِّي بالباقي، ثمَّ مات صاحب الألف، فانطلق العبد فاشترى أباه فأعتقه عن الميِّت، ودفع إليه الباقي يحجّ عن الميِّت، فحجّ عنه، وبلغ ذلك موالي أبيه ومواليه وورثة الميِّت جميعاً فاختصموا جميعاً في الألف، فقال موالي العبد المعتق: إنَّما اشتريت أباك بمالنا، وقال الورثة: إنَّما اشتريت أباك بمالنا، وقال موالي العبد: إنَّما اشتريت أباك بمالنا، فقال أبو جعفر عليه‌السلام: أمَّا الحجّة فقد مضت بما فيها لا ترد، وأمَّا المعتق فهو ردّ في الرّق لموالي أبيه، وأيّ الفريقَيْن بعد أقاموا البيّنة على أنَّه اشترى أباه من أموالهم كان له رقّاً)[1]

وهي ضعيفة بجهالة علي بن أشيم، وصالح بن رزين، ووجود صالح بن رزين في تفسير عليّ بن إبراهيم لا ينفع؛ لعدم كونه من المشايخ المباشرين.

وعبَّر عنها المُصنِّف (رحمه الله) فيما سيأتي: (أنَّها مشهورة)، ولعلَّ المراد منها الشُّهرة الرِّوائيّة، وإلَّا فشهرة الفتوى على خلافها.

كما أنَّ الإنصاف: أنَّ الشُّهرة الرِّوائيّة غير متحقِّقةٍ، وهو أعلم بما قال.

وقد عمل بها الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية، حيث قال: (الحكم أن يرد المعتق على مولاه الَّذي كان عنده، يكون رقّاً له كما كان، ثمّ أيّ الفريقَيْن الباقيَيْن منهما أقام البيّنة بأنَّه اشترى بماله، سلّم إليه، وإن كان المعتق قد حجّ ببقيَّة المال، لم يكن إلى ردّها سبيل)[2]

وحُكي عن ابن البرَّاج (رحمه الله) أنَّه وافقه.

قوله: (وقدّم الحليُّون مولى المأذون؛ لقوّة اليد، وضعف السَّند)

ذهب الحليُّون الثَّلاثة: المُحقِّق، والعلامة، وابن إدريس (قدس سرهم)، إلى تقديم قول مولى المأذون؛ لضعف الرِّوايّة، ولأنَّ يد السّيِّد على العبد، وما في يده، فيكون ما بيد المأذون تحت يد مولاه، فتقدّم يده على اليد الخارجة؛ لأنَّ العبد المأذون، وما في يده، ليس تحت يد مولى الأب، وورثة الدَّافع.

هذا كلُّه مع عدم البيّنة.

قال ابن إدريس (رحمه الله): (لا أرى لردّ المعتق إلى مولاه وجهاً، بل الأولى عندي أنّ القول قول سيِّد العبد المأذون له في التِّجارة، والعبد المبتاع لسيّد العبد المباشر للعتق، وأنَّ عتقه غير صحيحٍ، لأنَّ إجماع أصحابنا على أنَّ جميع ما بيد العبد، فهو من مال سيّده، وهذا الثَّمن في يد المأذون، وأنَّه اشتراه فإذا اشتراه فقد صار ملكاً لسيِّد المأذون الَّذي هو المشتري، فإذا أعتقه المأذون بعد ذلك، فعتقه غير صحيحٍ، لأنَّه لم يؤذن له في العتق، بل إذن له في التِّجارة فحسب، هذا إذا عدمت البيّنات...)[3]

أقول: إنَّ الرِّوايّة المذكورة -مضافاً لضعفها سنداً- مخالفة لجملة من القواعد:

منها: الأمر بردّ العبد إلى مولاه مع اعترافه ببيعه، ودعواه الفساد، حيث يُدَّعى أنَّه اشتراه بماله، وكيف يشتري ماله بماله؟!

وعليه، فيكون تبديلاً لماله بماله، وهذا لا يكون بيعاً فيفسد.

وأمَّا بقيَّة الأطراف، فيدَّعون صحَّة البيع، ومدَّعي الصِّحّة يُقدّم قوله مع يمينه على دعوى الفساد؛ إذ لم يكن لمدع الفساد بيّنة، كما هو المعروف.


[1] الوسائل باب25 من أبواب بيع الحيوان ح1.
[2] النِّهاية: ص414.
[3] السَّرائر: ج2، ص357.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo