< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب البيع

 

قوله: (والحِليُّون على ضمان المشتري الآبق كالمقبوض بالسَّوم)`

هو الَّذي قبضه يشتريه، فتلف في يده بغير تفريط، كما أشرنا إليه سابقاً.

 

`قوله: (غير أنَّ ابن إدريس قيَّد الضَّمان بكونه مورد العقد، فلو لم يكن المعقود عليه فلا ضمان، ويشكل إذا هلك في زمن الخيار)`

الحِليُّون الذين ذهبوا إلى الضَّمان هم العلَّامة وابن فهد وابن إدريس (قدس سرهم)، ونقلنا سابقاً عبارة ابن إدريس (رحمه الله)، وقد عرفت ما هو الصَّحيح.

وممَّا ذكرنا سابقاً يتَّضح لك إشكال المُصنِّف (رحمه الله) : إذا هلك في زمان الخيار، فلا حاجة للإعادة.

 

`قوله: (واستخرج في الخلاف من الرِّواية جواز بيع عبدٍ من عبدَيْن، وليست صريحةً فيه)`

يظهر من الشَّيخ (رحمه الله) في باب البيع في كتاب الخلاف جواز بيع أحد العبدَيْن مطلقاً.

ونُسب ذلك إلى رواية الأصحاب وإجماعهم.

 

وفيه أوَّلاً: أنَّ الرِّواية المذكورة سابقاً لا تدلّ على ما ذكره.

وثانياً: أنَّه لا إجماع على الصِّحّة، بل لعلَّ الإجماع على عدم صحَّة بيع أحد العبدَيْن مطلقاً.

مضافاً لما ذكرناه في أكثر من مناسبة من عدم حُجِّيّة الإجماع المنقول بخبر الواحد.

وثالثاً: قد رجع عنه الشَّيخ (رحمه الله) في باب السَّلَم، فلو كان عنده صحيحاً لما رجع عنه.

فقال: مسألة 38: إذا قال: اشتريت منك أحد هذَيْن العبدَيْن بكذا، أو أحد هؤلاء العبيد الثَّلاثة بكذا، لم يصحَّ الشِّراء، وبه قال الشَّافعي، ثمَّ قال: دليلنا: أن هذا بيع مجهول، فيجب أن لا يصح، و لأنه بيع غرر لاختلاف قيم العبيد، و لأنه لا دليل على صحة ذلك في الشرع، و قد ذكرنا هذه المسألة في البيوع، و قلنا: أن أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين، فان قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية، و لم نقس غيرها عليها. [1]

وعليه، فما ذكره الشَّيخ (رحمه الله) من البطلان للغرر هو الصَّحيح.

 

`قوله: (وجوّزه الفاضل إذا كانا متساويَيْن من كلّ وجهٍ)`

جوَّز العلَّامة (رحمه الله) في المختلف بيع عبدٍ من عبدَيْن، بناءً على تساوي العبدَيْن من كلّ وجهٍ ليُلحق بمتساوي الأجزاء كما يجوز بيع قفيزٍ من الصُّبرة، وينزل على الإشاعة.

أقول:

يرد عليه أوَّلاً: وضوح الفرق بين العبد والصَّاع؛ لعدم إمكان تساوي العبدَيْن من كلّ وجهٍ، ولذا كان ضمانه لو تلف بقيمته لا مثله.

وثانياً: نمنع التَّنزيل على الإشاعة في الصَّاع في الصُّبّرة، بل ذكرنا سابقاً أنَّ الصَّاع من الصُّبّرة يكون على نحو الكُلِّيّ في المُعيّن.

نعم، لو قصد البائع البيع على نحو الإشاعة، بأن يكون المشتري شريكاً معه في العبدَيْن بالنِّصف، أي نصف من هذا العبد، ونصف من العبد الآخر، لصحّ البيع لعدم الغرر، ولكن الأمر ليس كذلك؛ إذ لم يقصد الإشاعة.

ثمَّ إنَّ ما ذكرناه من الإشكال على العلَّامة (رحمه الله) من عدم إمكان تساويهما من كلّ وجهٍ إنَّما هو بناءً على عدم دلالة الرِّواية على صحَّة بيع عبدٍ من عبدَيْن، وإنَّما هي ظاهرة في صحَّة بيع العبد في الذِّمّة على نحو ترتفع الجهالة بذكر الأوصاف.

وأمَّا لو كانت الرِّواية ظاهرة في جواز بيع عبدٍ من عبدَيْن لقطعنا النَّظر عن إشكال عدم إمكان تساويهما من كلّ وجهٍ، كما فعلنا ذلك حين قلنا: إنَّها دالَّةٌ على جواز بيع عبد في الذِّمّة موصوفاً بحيث ترتفع الجهالة، والله العالم.

`قوله: (فروع: الأوَّل: على الرِّواية لو تعدّد العبيد، ففي انسحاب الحكم احتمال، فإن قلنا به، وكانوا ثلاثة مثلاً، فأبق واحد، فات ثُلث المبيع، فيرتجع ثُلث الثَّمن، ويُحتمل هنا عدم فوات شيءٍ لبقاء محلّ الاختيار)`

اِعلم أنَّه بناءً على ما تقتضيه القاعدة، فلا فرق بين العبدَيْن والأكثر.

وأمَّا بناءً على العمل بالرِّواية -كما هو الإنصاف عندنا- فهل ينسحب الحكم فيما لو تعدَّدت العبيد؟

فقد ذكر جماعة من الأعلام، ومنهم المُصنِّف (رحمه الله)، أنَّه يحتمل الإنسحاب؛ لصدق العبدَيْن في الجملة مع كون محلّ التَّخيير زائداً عن الحقّ، ولخُروج المُتعدِّد عن المنصوص المخالف للأصل.

والإنصاف: عدم الانسحاب؛ لحرمة القياس، فيُقتصر على مورد النَّصّ، وهو العبدان.

نعم، لو قلنا: بانسحاب الحكم، وكانوا ثلاثةً، فأبق واحد، فات ثُلث المبيع، وارتجع ثُلث الثَّمن.

 

`قوله: (أمَّا لو كانتا أمتَيْن، أو عبداً وأمةً، فإنَّ الحكم ثابت)`

لا يخفى أنَّه لا فرق بين العبيد والإماء بناءً على مقتضى القاعدة.

وأمَّا بناءً على العمل بالرِّواية، فقد جزم المُصنِّف (رحمه الله) بانسحاب الحكم.

ولكنَّه غريب منه (رحمه الله).

بل الإنصاف: عدم الانسحاب؛ لحرمة القياس؛ إذ لا علم لنا بالملاكات.

 

قوله: (الثَّاني: لو فعل ذلك في غير العبد، كالثَّوب، وتلف أحد الثّوبَيْن، أو الثِّياب، ففيه الوجهان، وقطع الشَّيخ بأنَّا لو جوَّزنا بيع عبد من عبدَيْن لم يلحق به الثّوبَيْن؛ لبطلان القياس)`

لا فرق بين العبيد والثِّياب، ونحوها بحسب مقتضى القاعدة.

وأمَّا بناءً على العمل بالرِّواية، فما ذكره الشَّيخ (رحمه الله) هو الصَّحيح؛ لبطلان القياس.

وعليه، فيُقتصر على مورد الرِّواية، وهو العبدان؛ لما عرفت من عدم العلم بالملاك.

`قوله: (الثَّالث: لو هلك أحد العبدَيْن احتمل انسحاب الحكم، ويتخيّر التَّنصيف؛ إذ لا يُرجى العَوْد هنا)`

قد عرفت ما هو الصَّحيح بناءً على مقتضى القاعدة.

وأمَّا بناءً على العمل بالرِّواية، فالصَّحيح عدم انسحاب الحكم، فلا يُلحق الهلاك بالإباق؛ لحرمة القياس.

نعم، لو قلنا: بانسحاب الحكم قد يفرّق بينهما بتنجيز التَّنصيف مع الهلاك، من غير رجاءٍ لعود التَّخيير، بخلاف الإباق، فإنَّه يحتمل العود، ويرجع التَّخيير، والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo