< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

 

رواية زُرارة قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): ...ويعوضه في قيمة ما أصاب من لبنها وخدمتها.

ثمَّ إنَّ الرِّواية ضعيفة من جهتَيْن:

الأُولى: أنَّ صفوان بن يحيى الواقع في السَّند، هل رواها عن سليم الطِّرْبَال، أو عمَّنْ رواه عن سليم، يعني لم يعلم أنَّ صفوان رواها مباشرة عن سليم، أو عمَّنْ رواه عن سليم.[1]

الثَّاني: أنَّ سليم الطِّرْبَال الَّذي هو سُليمان مولى طِرْبَال مجهول، وهو غير سليم الفرَّاء الثِّقة.

ومنها: روايته الأُخرى قَاْل: قلتُ لأبي جعفر (عليه‌السلام): الرَّجل يشتري الجارية من السُّوق، فيولدها، ثمَّ يجيء الرَّجل فيقيم البيّنة على أنَّها جاريته لم تبع ولم تُوهب، فقال: يردّ إليه جاريته، ويُعوِّضه بما انتفع، قَاْل: كان معناه قيمة الولد.[2]

الظَّاهر أنَّ قوله قال: كان معناه، هو من كلام حريز الرَّاوي عن زُرارة، وأنَّ زرارة فسَّر العِوض بقيمة الولد.

ثمَّ إنَّ الرِّواية ضعيفة؛ لأنَّ أبا عبد الله الفرَّاء المذكور في السَّند مجهول، ولا دليل على أنَّه سليم الفرَّاء الثِّقة.

ومهما يكن، فإنَّه لا إشكال عند الأعلام في المسألة؛ لأنَّ تعويض المولى عمَّا أصاب المُشتري من لَبَنِها، وما أصاب من خدمتها، هو على مقتضى القاعدة، والله العالم.

قوله: (ويُرجع على البائع مع جهله أو ادِّعاء الإذن بجميع ذلك على الأصحّ)

المعروف بين الأعلام أنَّ المشتري يرجع على البائع بالثَّمن، ويرجع أيضاً بقيمة الولد.

وذلك لموثَّقة جميل بن دراج السَّابقة، حيث ورد في ذيلها ©ويرجع على مَنْ باعه بثمن الجارية، وقيمة الولد الَّتي أُخذت منه.

وأيضاً لقاعدة المغرور يرجع على مَنْ غره؛ باعتبار أنَّ المُشتري مغرور؛ لجهله بالحال.

وهل يرجع بما دفع إلى السّيِّد من العُشر أو نصفه؛ إذ هذا في مقابلة الانتفاع بالبضع، وكأُجرة الخدمة أيضاً، هناك قولان في المسألة:

الأوَّل: بالرُّجوع؛ لأنَّ البائع أباحه بغير عوضٍ، وغرّه بالانتفاع بمجرّد دفع الثَّمن.

ولو علم أنَّ له عِوضاً لم ينتفع به، فلو لم يرجع يلزم الظُّلم والغُرم عليه، مع كونه جاهلاً من جهة البائع الغاصب الَّذي خدعه.

وبالنَّتيجة: فهو مغرور، ومتضرّر برُجوع المالك عليه بذلك.

الثَّاني: بعدم الرُّجوع؛ نظراً إلى ما حصل له من الانتفاع في مقابلة ذلك، فيلزم من رجوعه الجمع بين العِوض والمُعوّض، فيحصل الظُّلم على البائع.

ومن المعلوم أنَّه لا يوجد نصّ يدلّ على الرُّجوع أو على عدمه، وقد تقدّم ما يُستفاد منه حكم المسألة في مبحث الفضوليّ، والبيع الفاسد، فراجع.

قوله: (ولو كان عالماً بالاستحقاق والتَّحريم، فهو زانٍ، وولده رقّ)

المعروف بين الأعلام أنَّه لو كان عالماً بالاستحقاق والتَّحريم، فهو زانٍ وولده رقّ، ومملوك لمولى الجارية، ويلزمه العُقْر -العُشر، على تقدير كونها بِكْراً، ونصفه على تقدير كونها ثيّباً- ولا يرجع به، ولا بغيره ممَّا اغترمه على البائع؛ لأنَّه ليس مغروراً.

قوله: (وعليه المهر إن أكرهها)

المعروف بين الأعلام أنَّه لا فرق في ثُبوت العُقر أو المهر بالوطء للمالك بين علم الأمَة بعدم صحَّة البيع، وجهلها؛ لأنَّ ذلك حقٌّ لمولاها، ولإطلاق الرِّوايات المُتقدِّمة، بل ظاهر صحيحة الوليد بن صبيح هو علم الأمَة بالحال.

ولكن ذكر المُصنِّف (رحمه الله) أنَّه لا يرجع إليه بالمهر، إلَّا مع الإكراه، وظاهره أنَّه لو علمت بالحال، ورضيت، فلا مهر لها؛ استناداً إلى أنَّه لا مهر لبغي.

وقال المُصنِّف (رحمه الله) في باب الغصب في وطء الغاصب للأمَة ©ولو طاوعته عالمةً، قيل: بسقوط المهر، للنَّهي عن مهر البغيّ، ويُحتمل ثبوته، لأنَّ السُّقوط في الحُرّة مستندٌ إلى رضاها، ورضا الأمَة لا يُؤثّر في حقِّ السّيِّد.[3]

أقول: ما ذهب إليه المشهور هو الصَّحيح؛ لإطلاق الرِّوايات، ولأنَّ ذلك حقٌّ لمولاها.

وأمَّا ما ذكره المُصنِّف (رحمه الله) استناداً إلى أنَّه لا مهر لبغي.

ففيه أوَّلاً: أنَّ الرِّواية على تقدير وجودها، فهي ضعيفة بالإرسال.

وثانياً: أنَّ المراد بها الحرة؛ وذلك لأنَّ اللَّام في لبغي، ظاهرة في الاستحقاق، والحُرّة هي الَّتي تستحقّ المهر دون الأمَة؛ إذ هو لمولاها، كما أنَّ لفظ المهر ظاهر باختصاصه بالحُرّة.

ولذا أطلق على الحُرّة المهيرة، والله العالم بحقائق أحكامه.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص204، أبواب نكاح العبيد والإماء، باب88، ح4، ط آل البيت. فقد وقع السَّند هكذا: عن صفوان بن يحيى، عن سليم الطِّرْبَال أو عمَّن رواه، عن سليم، عن حريز، عن زرارة....
[3] الدروس الشرعية في فقه الإمامية‌، الشهيد الأول، ج3، ص115. المَهِيرة، جمع مهائر: الحُرّة الغالية المَهْر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo