< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/حکم الشکوک فی رکعات الصلاة /الشك بين الخامسة والسادسة في حال القيام

 

كان بحثنا في الأيام الماضية حول المورد الأخير من الشكوك الصحيحة وهو قول المصنف: (التاسع: الشكّ بين الخمس والستّ حال القيام، فإنّه يهدم القيام فيرجع شكّه إلى ما بين الأربع والخمس، فيتمّ ويسجد سجدتي السهو مرّتين إن لم يشتغل بالقراءة أو التسبيحات وإلّا فثلاث مرّات، وإنقال: بحول اللّٰه فأربع مرّات، مرّة للشكّ بين الأربع والخمس، وثلاث مرّات لكلّ من الزيادات من قوله: بحول اللّٰه، والقيام، والقراءة أو التسبيحات، والأحوط في الأربعة المتأخّرة بعد البناء وعمل الشكّ إعادة الصلاة أيضاً، كما أنّ الأحوط في الشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس، والشكّ بين الثلاث والأربع والخمس العمل بموجب الشكّين ثمّ الاستئناف).

وقلنا ان المشهور والمعروف عند فقهائنا هو هدم القيام والعمل بعد رجوع الشكّ إلى أحد الشكوك المنصوصة المتقدّمة بموجبها. وعن بعضهم البطلان، نظراً إلى انتفاء النصّ في المقام، ولا وجه لإسراء حكم بعد اكمال السجدة إلى حال القيام اللاحق وجواز هدمه. وأدلّة الشكوك المنصوصة منصرفة إلى مقطع الذي يطرأ الشك الى ذهن المصلي لا ما كان منقلباً عن شكّ آخر. وإذا انقطع يدنا عن الدليل فمقتضى القاعدة الحكم بالبطلان مستندا الى قاعدة الاشتغال، أي كان يعلم ان بذمته صلاة رباعية كاملة فلا يدري هل سقط عن ذمته ما كان عليها بما فعل من العلاج او لا؟ الاشتغال اليقيني يستدعي براءة يقينية.

أو لإطلاق صحيحة صفوان التي مربنا واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ‌ عليه السلام قَالَ: "إِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي كَمْ صَلَّيْتَ- وَلَمْ يَقَعْ وَهْمُكَ عَلَى شَيْ‌ءٍ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ".[1] في سندها سعد بن سعد قال النجاشي فيه: (سعد بن سعد بن الاحوص بن سعد بن مالك الاشعري القمي ثقة روى عن الرضا وأبي جعفر عليهما السلام) فالسند صحيح.

والدلالة: انها نفت الصحة عن كل صلاة لا يدري صاحبها في اي ركعة هو.

لكن يرد عليه بان إطلاق ادلة التي ورد فيها "إذا لا يدري صلى ثلاثا او اربعاً يبني على أربع" يشملها فإنه عند ما كان قائماً تردد انه صلى ثلاثا او أربع، فعليه ان يبني على اربع ويتشهد ويسلم، والتشهد والتسليم يتطلب منه الجلوس لانهما مشروطتان بحال الجلوس، فليس في هذه العملية لا إسراء حكم موضوع الى موضوع اخر ولا فعل يوجب بطلان الصلاة وصحيحة صفوان اما يحمل على ما لا يدري ابدا اين هو من صلاته، واما تُخصّصُ بغير موارد الشكوك الصحيحة فقول المشهور هو الأقرب.

ثم هنا نقطة يتطلب الوقوف عندها وهي تخصيص المصنف سجدتي السهو للقيام المردد في انه للركعة الخامسة او السادسة، بينما المصلي في جميع الفروض التي تلحق بالشكوك الصحيحة الخمسة يهدم القيام ويتشهد ويسلم ولكن المصنف لم يذكر فيها سجدتي لسهو للقيام الزائد.؟!

قال السيد الخوئي بيان هذا الفارق: (أنّ الأدلّة المتكفّلة لإثبات حكم لعنوان الزيادة، سواء أ كان هو البطلان، كما في موارد الزيادة العمدية، أم كان سجود السهو، كما في زيادة القيام سهواً أو غيره بناءً على ثبوته لكلّ زيادة ونقيصة، منصرفة إلى ما إذا أوجد الزائد ابتداءً. ولا تعمّ ما إذا أحدث وصف الزيادة لما كان، بأن عمل عملًا استوجب اتصاف ما صدر منه سابقاً بعنوان الزيادة.

كما لو شرع في السورة وقبل بلوغ النصف بدا له في العدول إلى سورة أُخرى الموجب لاتصاف ذاك النصف بصفة الزيادة بقاءً وإن لم يكن كذلك حدوثاً، أو تلفّظ بكلمة من الآية ثمّ مكث مقداراً فاتت معه الموالاة المعتبرة بينها وبين الكلمة اللّاحقة الموجب لإعادتها، أو تلفّظ ببعض الكلمة ك‌ (ما) في مالك فلم يتمّها ورفع اليد عنها ولو عامداً ثمّ أعادها.

ففي جميع ذلك يحكم بالصحّة ولو كان متعمّداً، ولا تكون مشمولة لأدلّة الزيادة العمدية، لاختصاصها كما عرفت بما إذا أوقع الزائد، لا ما إذا أعطى صفة الزيادة لما وقع، وكذا الحال في موجبات سجود السهو فلا نعيد.

وعليه فبما أنّ القيام في القسم الأخير موصوف بالزيادة من حين حدوثه‌، لفرض القطع بتحقّق الأربع الذي هو لازم الشكّ بين الخمس والستّ، فهو موجب لسجود السهو بلا إشكال، وأمّا في بقية الفروض فلم تحرز الزيادة لدى الحدوث، لجواز كونه واقعاً في محلّه بحسب الواقع، وإنّما عرضت له صفة الزيادة بعد حصول الشكّ وحكم الشرع بالبناء على الأربع المستتبع للهدم، وإلّا فلولا الشكّ وحكم الشرع لم تكن الزيادة محرزة للقيام أبداً. فهي صفة عارضة وحالة طارئة، وقد عرفت أنّ أدلّة الزيادة منصرفة عن مثل ذلك).[2]

ونترك مداومة البحث ليوم القادم ان شاء الله رعاية لعدم التجاوز من الوقت.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo