< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/11/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الأيمان.

 

     مسألة: هل تنعقد اليمين من الولد مع والده؟

     وجهان، بل قولان، وتتبع القائلين.

     وجه الانعقاد: العمومات.

     وجه عدمه أمران: الاول: ان العمومات هي لخصوص الايمان الصحيحة، مثل "ما عقدتم الايمان" فهي نختصّة بالايمان الصحيحة، واثبات الصحة يكون من دليل خارج في مرحلة سابقة.

     الامر الثاني: اليمين إنشاء، والانشاء لا يقع معلقا.

مسألة: هل تنعقد اليمين من الولد مع والده؟

بعبارة أخرى: هل يشترط إذن الأب لصحة اليمين؟

فلو حلف الولد من دون إذن أبيه ولا معارضته، فهل تصحّ اليمين؟

وهل ينعقد اليمين؟ بحيث لو حلف الولد بدون معرفة الأب هل تلزمه الكفارة؟

فإذا كان منعقدا تلزمه الكفارة، اما إذا لم يكن منعقدا لا تلزمه الكفارة.

وهل يمكن للوالد حلّ اليمين بعد حنث الولد ولزوم الكفارة؟

ولنبدأ في السؤال الاول: هل تصح اليمين من دون إذن الأب؟

بعبارة اخرى: هل اشتراط إذن الأب شرط لصحة اليمين بحيث لا تنعقد من دونه وذلك لان انتفاء الشرط انتفاء المشروط، ام انه شرط استمراريتة اليمين والإلزام به؟ وجهان، بل قولان:

الاول: إنعقاد اليمين ولو بدون إذن الأب، طبعا من دون معارضته، بل نسبة في المفاتيح والدروس (الشهيد الاول) إلى المشهور، وهو ظاهر عبارة النافع (للعلامة) وهو ظاهر المحقق الاول الحلي (ره) في الشرائع حيث يقول: "ولا تنعقد من الولد مع والده إلا مع إذنه، وكذا يمين المرأة والمملوك إلا أن يكون اليمين في فعل واجب أو ترك قبيح، ولو حلف أحد الثلاثة في غير ذلك (المكروه) كان للأب والزوج والمالك حلّ اليمين ولا كفارة".

ظاهر عبارة: "ولا تنعقد من الولد مع والده إلا مع اذنه" عدم الإنعقاد من الاساس.

وان ظاهر عبارته: "له حلّ اليمين" أي ان اليمين صحيحة منعقدة إلا أن للاب حَلّها.

وقد يتوهم التعارض والتهافت في كلام المحقق (ره) إذ أنه قال أولا: "لا تنعقد اليمين من الولد مع والده إلا باذنه" الظاهر كون إذن الأب شرطا في التحقق، ثم يقول: "للأب حلّ اليمين"، الظاهر في كون اليمين منعقدة متحققة ولو بدون إذنه، إذ لا معنى لان يحلّ الوالد امرا غير منعقد، فان الحلّ فرع الانعقاد.

وحلّ التهافت يكون بحمل اليمين في قوله: "لا تنعقد اليمين" على اليمين اللازمة، فإن جواز حلّها يعني أنها متزلزلة.

من قبيل العقود المتزلزلة، مثلا: في عقد البيع لو اشترط ان يكون للمشتري حق الفسخ، يأتي السؤال بعد هذا الشرط: اين البيع مع وجود حق الفسخ؟ الجواب: هذا بيع وعقد وملكية متزلزلة، يعني ان البع قد تحقق وان الملكية موجودة لكن يمكن اسقاطها وحلّها بإحراء حق الفسخ.

الثاني: عدم الانعقاد، وهو مختار "صاحب الرياض"، متذرعا بأن المراد من عمومات اليمين: ﴿ بما عقدتم عليه الايمان﴾ [1] مختصّة بالايمان الصحيحة ولم يثبت صحة اليمين من دون إذن الأب.

أي ان موضوع الانعقاد هو خصوص اليمين الواجدة للشرط، ومضوع الالوام بها يكون اليمين الصحيحة، فكانه تعالى قال: "إلا ما عقدتم الايمان عليه الايمان الصحيحة" فلا بد من اثبات كون اليمين صحيحة من غير هذا العام، أي: "العرش ثم النقش".

من قبيل قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [2] أي مطلق الغض، يشمل حتى المرأة العادية، هناك عموم إلا ما خرج بالدليل. لكن قد يقال أن المراد من "الغض" هو الغض عن المحرمات، فلا نستطيع اثبات حرمة النظر في المشكوك جواز النظر اليها من نفس الآية، بل لا بد من التماس دليل آخر خارج عن الآية، أي: "العرش ثم النقش" ولا بد من اثبات العنوان ومتعلّق الحكم وموضةعها في مرحلة سابقة على نفس الحكم. فيكون أول الكلام أن النظر للأجنبية المتهتكة محرّم.

فترجع المسألة في انعقاد اليمين للولد أو المرأة إلى الصحيح أو المطلق إلى ما هو متعلّق الحكم؟

فإذا قلنا أن المتعلق العموم فعند الشك نتمسك بالعموم، أما إذا كان متعلق الحكم الموضوع هو الصحيح، فيجب إثبات الصحة بدليل آخر.

وأيضا في عدم الانعقاد، وهو مختار "الفاضل في الارشاد"، وثاني الشهيدين في "المسالك" وتبعهما غيرهما متذرعين بأن اليمين إيقاع لا يقع موقوفا على شيء، بل يجب أن يكون مطلقا. حيث قيل: "ان كل ايقاع لا يقع معلقا"، كالطلاق والوقف، بل وحتى العقود، قال الفقهاء ان التعليق فيها مبطل لها، بعبارة اخرى: الانشاءات لا تقع معلقة وإلا لزم فصل الانشاء عن المنشأ، واليمين انشاء وايقاع فكيف يقع معلقا؟

إذن هناك دليلان: الاول ان الانشاء لا يقع معلّقا واليمين انشاء إذن اليقين باطل، ثانيا: العمومات: ﴿ بما عقدتم عليه الايمان﴾ [3] لا تشمل هذه الحالة لان المراد من الايمان الايمان الصحيحة، ومع الشك في الصحة لم يثبت وجوب الالتزام باليمين.

وياتي التحقيق غدا ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo