< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/08/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ فيما يشترط في صحة التيمم _

بقي الكلام في رفض السيد الاعظم الاستدلال بصحيحة ذكرها صاحب الوسائل في باب القصاص (وعنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي اسامة زيد الشحام ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقف بمنى حين قضى مناسكها في حجة الوداع ـ إلى أن قال : ـ فقال : أي يوم أعظم حرمة ؟ فقالوا : هذا اليوم ، فقال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ فقالوا : هذا الشهر ، قال : فأي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : هذا البلد ، قال : فان دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه ، ولا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفارا)[[1] ] يدعي رض ان المقصود من عدم الحلية هو عدم حلية الاستيلاء على المال , ماذا يعني رض من الاستيلاء على المال ؟ ان كان هو الهيمنة والسيطرة والقبض فمعنى ذلك اذا كان للإنسان طريقان الى بيته احدهما من بيت شخص آخر فيدخل من هذا الطريق الذي يمر على بيت شخص آخر فمن باب يدخل ومن باب آخر يخرج ومن دون اذن المالك فهو لا يتلف الدار ولا يستولي على الطريق واذا اراد ان يمنع فادفع صاحب الدار وامر عن طريق بيته الى بيتي فهل يمكن لاحد ان يفتي بذلك استنادا على ما قاله السيد الاعظم ؟ فهو لا يريد ان يستولي , فالمفهوم من كلمة الاستيلاء فلان استولى على السلطة يعني تملكها يعني اصبحت السلطة تحت يده وهذا المرور ليس تسلطا ولا هيمنةً , وان كان مقصوده هو الاتلاف كما سوف يظهر من الشق الثاني من المسالة وهو في ما لو توضأ بالماء بالمغصوب نفهم ان مقصوده بالاستيلاء هو الاتلاف يعني الاعدام فيقول يستشكل بصحة الوضوء والسيد الاعظم يقول لا داعي للاستشكال فلابد من الافتاء لان هذا اتلاف .

ما رأينا في هاتين الروايتين او غيرهما لفظ الاتلاف والموجود هو عدم الحلية وفسره بالاستيلاء ففي اتلاف الماء لا يجوز والتصرف بوضع اليدين يجوز فمن هذه القرائن نفهم من ان مقصوده من الاستيلاء هو الاتلاف فمعنى ذلك انه يجوز للإنسان ان يدخل الى بيت شخص آخر وبدون فعل أي محرم آخر وبدون استئذان فهذا ليس فيه استيلاء ! فنقول العين مال والمنفعة مال فمنفعة الشيء مال ولذلك يعطي المستأجر المال الى المؤجر ويأخذه عوضا عن المنفعة فالمنفعة مال سواء كانت قليلة او كثيرة فمادامت تؤمن ان منفعة المال مال فلا يحل مال مؤمن مسلم فلايحل الا بطيب نفسه .

واما دعواه في من يتكأ على الحائط فيقول هذا لا يعد تصرفا بل يعد هذا انه تصرف مسموح اذن بفهم العقلاء والعرف يعد ان هذا الشخص لا يمنعني من الاتكاء على حائط بيته وانا خارج الدار فهنا اذن موجود وحسب المتعارف اما اذا كتب شخص انني لا اجوز الاتكاء على حائط بيتي فهل يمكن ان يقول السيد الاعظم ارفع الكتابة واتكئ على الحائط ؟ ! فاذا لم يكن هناك قرينةً على المنع فالعرف والعقلاء يرون ان هناك اذناً من المالك لهذا التصرف بل في بعض الموارد يجبر المالك اذا كان طريقي منحصرا في المرور على ارض شخص آخر كما في قصة سمرة ابن جندب , فالنبي لم يمنع سمرة من الدخول لأنه من ملك شيئا ملك حق استخدام الطريق للوصول اليه فهناك يكون صاحب الدار ملزم بالسماح الى صاحب الحق بالدخول والمرور عن طريق بيته الى نخلته ولكن لازم المرور وهو اذية اهل الدار وعدم الاستئذان من الانصاري للدخول جعل النبي ص ان يحكم بقلع نخلة سمرة وطرده ,

فملخص ما ذكرناه ان التصرف في مال الغير هو اتلاف للمال والذي هو المنفعة التي هي لهذه الارض او لهذا الحائط فلايجوز أي نحو من التصرف للمحبوس في المكان المحبوس أي تصرف الا المقدار الذي لا يمكن اجتنابه وضرب اليدين على الارض ليس هو مضطر اليه فالحكم فيه هو ما تقدم وهو ان ادخلناه في التيمم فهذا لا يجوز لأنه حرام الا ان تقوم القرينة برضا صاحب الدار وهذا خروج عن محل الكلام , اما اذا قلنا انه خارج عن ماهية التيمم فهنا ان ضرب يديه على الارض فهو فعل حرام ولكن تيممه صحيح , فما ظهر من السيد الاعظم غير واضح .

وماذكره من الانصراف ايضا غير واضح فهذا حديث النبي ص ( فان دمائكم واموالكم ... ) فهذا يعم المنافع , فهو يقول ينصرف ومرة يقول عدم الشمول ونقول عدم الشمول اعم من الانصراف لان له معنيان احدهما يتحقق بالانصراف والثاني هو مفهوم لغوي لا ينطبق على هذا فكلمة الرجل تنطبق على الشريف والرذيل لأنه كله رجل ولكن في موارد معينة ينصرف لفظ الرجل الى من له غيرة وله حمية على دينه وعرضه فالنبي ص يقول لأعطين الراية غدا رجلا فهل من غيره ليس برجال ! كلا انما كانوا فاقدين هذه الصفة وهي الغيرة على الدين فكانوا ينهزمون ويتركون الراية , فهذا معناه بعض الصفاة غير موجودة فلفظ الرجل لغة صادق عليهم ولكن ما كان يقصده النبي ص غير موجود عندهم , فقد يكون معنى عدم الشمول مثل لفظ الرجل لغة يشمل الجميع ويكون اخراج بعض الافراد بالتحصيص وغير ذلك ولايشمل لفظ الرجل للحائط وللمراءة , واما الانصراف فالسيد الاعظم يؤمن ان المفهوم اللغوي يوجد في هذا المصداق ولكن مع ذلك يلزم , والانصراف قد يكون من كثرة الوجود وقد يكون من كثرة الاستعمال فالانصراف الذي له قيمة هو ما اذا كان من كثرة استعمال اللفظ لمعنى في بعض المصاديق بحيث اصبح الفرد الذي لا يستعمل فيه عند العامة العقلاء كانه ليس بفرد , والانصراف الذي يكون من قلة الوجود مثلا انسان فاقد لليدين والرجلين والعينين والاذنين ويكون حيا ايضا فنقول هذا ليس انصراف انما هو انصراف لا قيمة له فهو بسبب قلة الوجود والانصراف والقيمة هي للانصراف الناشئ من كثرة الاستعمال فلفظ الحيوان كثر استعماله في غير الانسان فلذلك اذا قيل الى زيد انت حيوان فسوف يتأذى لأنه كأنه يقال له لست انساناً , فمعنى ذلك ان هذا الانصراف الناشئ من كثرة الاستعمال له قيمة والسيد العظم ان كان يقصد من كلمة مال المسلم منصرف عن المنفعة من المعنى الاول يعني من قلة الوجود فهذا ليس قلة الوجود لان كثير من الناس لا يملكون البيوت وانما يسكنون البيوت فإذن استعمال لفظ المال فقط في العين هذا ليس انصرافا معتبرا مهما لدى العقلاء وان كان يدعي انه منصرف من كثرة الاستعمال فأيضا ليس كذلك , اللهم الا ان يكون مقصوده من الانصراف هو التحريم أي عدم الحلية في كلام النبي ص منصرفة عن المنافع وهذا قلنا لازم ذلك ان يسمح لي ان ادخل الى بيت بدون اذن صاحبه , اذن فالصحيح ما اثبتناه وهو التصرف في ما كان مضطرا اليه فالشرب اذا كان مضطرا اليه يشرب اما الوضوء فلا لان الضرورات تقدر بقدرها .

اما اشكاله على السيد اليزدي حيث قال ان الوضوء يكون الاشكال فيه اشد فلعل شدة الاشكال يفهم ان هناك للماء اتلاف واما بوضع اليد على الارض ليس فيه اتلاف فلعل هذا هو الذي دفع اليزدي الى هذا القول ففي التيمم قال اشكال ولكنه يميل الى الصحة واما في الوضوء فيقول الاشكال اشد ,

ثم عبارة السيدين وعبارة السيد الحكيم اتصور انها قاصرة عن هذه المسالة وهي كلمة المغصوب فانه قال المغصوب وسكت ولم يقل انه المغصوب من شخص ماله محترم , ولكن لعل هذا القيد انه منوي في كلماتهم وهم غير غافلين عنه وعادة انه مستحيل فهم يقصدون المال المحترم خصوصا السيد العظم لما يذكر يقول دم المسلم .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo